علي حمادة/دعم “الجيش الحر” أهمّ من الضربة

دخل الرئيس الاميركي باراك أوباما في معمعة عملية ديبلوماسية روسية يقدّر أنها تشكل وسيلة لكسب الوقت وإضاعة المسؤوليات، وإطالة عمر النظام في سوريا، وأدخل السوريين معه في مسار جديد سوف يواصل فيه النظام سفك دمائهم معولاً على فكرة انه لا يُطال ما دام قادراً على أن يكون نقطة تقاطع بين مصالح ايران وروسيا وإسرائيل، وبدرجة معيّنة الولايات المتحدة. ولعل المتاهة التي دخلها أوباما بقبوله “المبادرة الروسية” في شأن نزع السلاح الكيميائي في سوريا، كان ثمنها أنها جهّلت الفاعل في هجوم غوطة دمشق يوم الحادي والعشرين من آب الفائت، وحيّدت بشار الأسد، ولو موقتاً، عن أي مساءلة جدية، مع العلم أن العالم كله يجمع، أو يكاد، على أن بشار الأسد ارتكب العديد من الجرائم ضد الانسانية حسبما جاء البارحة على لسان الأمين العام للأمم المتحدة بان كي – مون، ولم يكن استخدام السلاح الكيميائي بكثافة على الغوطتين أولاها، وبالطبع لن تكون الجريمة الأخيرة.

لا جدال في أن بشار مجرم حرب بنظر السوريين والمجتمع الدولي، وهذه صفة لن تغادره حتى نهاية العمر مهما تمكّن من شراء الوقت. وما من شك في أن المعركة ضد النظام مستمرة وطويلة، بالتوازي مع العملية التفاوضية التي يقوم بها الاميركيون مع الروس حول المخزون الكيميائي، لان الانتصار الحقيقي، هو الذي سيتحقق على الأرض بأيدي السوريين، وليس عبر ضربة أميركية قد تأتي أو لا تأتي. ولذلك فإن التعويل اليوم هو على فريقين أساسيين: الثورة المقاتلة في الداخل، والدول العربية الداعمة لها بقوة، والتي يبدو أنها اتخذت قراراً استراتيجياً بدعم الثورة بكل الامكانات للانتصار في حرب تحرير مزدوجة ضد النظام والمشروع الايراني معاً. ومن هنا أهمية العودة الى الشعار الذي كنا نرفعه قبل عامين: ادعموا “الجيش الحر”. فلا انتصار ممكناً من دون تقوية “الجيش الحر” ومده بسلاح نوعي يغيّر موازين القوى على الارض، عبر تحييد سلاح الطيران والدبابات من خلال أنظمة صاروخية متطورة غير مكلفة نسبياً.
بناء على ما نقول، يبدو أن ثمة وعياً متزايداً في صفوف الدول الداعمة عربياً ودولياً لأهمية رفع منسوب الدعم العسكري لـ”الجيش الحر” في المرحلة المقبلة. وقد كان لافتاً بدء الأميركيين في تسليم شحنات من السلاح، بعدما سبق أن تلقى “الجيش الحر” شحنات مصدرها دول عربية داعمة، وظهر أثرها على الأرض في كل من درعا وريف حلب في الأسابيع الأخيرة.
بضربة أو من دون ضربة، النظام يضعف يوماً بعد يوم، ويتآكل. ونحن هنا لا يساورنا شك في المآل الأخير للمعركة على أرض سوريا: أن الثورة مقبلة على انتصار مهما صار. وبشار الأسد هو ماضي سوريا الأسود، ولن يكون جزءاً من مستقبلها حتى لو عقد مؤتمر “جنيف – 2” في الأسابيع المقبلة.
بالامس، وفيما كنا نحضر معرضاً فوتوغرافياً عن حياة جبران تويني قبالة مبنى “النهار”، قال لي نائب وزميل دائم: “متأكدون من الانتصار على المدى البعيد، لكننا على المدى القصير ندفع الثمن غالياً”.

Related posts

سكوت ريتر: لماذا لم أعد أقف مع إسرائيل؟ ولن أقف معها مرة أخرى

ماذا لو فاز ترمب … وماذا لو فازت هاريس؟* هاني المصري

الأمم المتحدة…لنظام عالمي جديد ؟* د فوزي علي السمهوري