ليس بعد الكفر ذنب..والولايات المتحدة واسرائيل كيان استخباري واحد والآن عرفنا لماذا جن جنون الادارة الأميركية على «سنودن» الهارب بالمعلومات الخطيرة واللاجئ إلى موسكو..لقد وضع الشاب الذي ضاق ذرعاً بموقف بلاده من تجسس ادارتها على شعبه يده على أهم الفضائح في تاريخ الادارة حين كشف كيف تنسق المخابرات الأميركية مع أجهزة الاستخبارات الاسرائيلية لتصبح مكالمات الاميركيين ورسائل بريدهم وحتى تحركاتهم وأي موقف لهم ضد اسرائيل أو يخالف رأيها عرضة للكشف الاسرائيلي وبالتالي مطاردة ومعاقبة من يعمل
المخابرات الأميركية المنوط بها الأمن القومي الأميركي أدخلت اسرائيل إلى فراش الأميركيين وكشفت أسرارهم لها وبدت كما لو أنها تابعة لاسرائيل أو تعمل من أجلها.. فلماذا؟
لا نريد أن نذهب إلى قصة ابريق الزيت مرة أخرى ولا إلى قصة البيضة والدجاجة أيهما أولاً أو أيهما أهم للاخرى.. وأيهما أولى في الترتيب فذلك أمر مثار منذ سنوات طويلة، حسمه البعض ولم يحسمه البعض الآخر وهناك من قال «إن اسرائيل هي الولاية الواحدة والخمسين» وهناك من قال «لو كان ذلك صحيحاً لما حظيت اسرائيل بما تحظى به من حماية وعناية ورعاية فهي الولاية الأولى التي تسبق ولاية العاصمة الفيدرالية» وهناك من ذهب إلى ابعد من هذا وقال «إن اسرائيل هي التي تحكم الولايات المتحدة من خلال لوبياتها وأنصارها والمتنفذين الصهاينة في إدارتها المختلفة ممن أحكموا القبضة على الحكم منذ سنوات وخاصة في دوائر الخارجية والكونغرس» وليس هذا بحاجة إلى اثبات ومن الذاهبين إلى هذا شخصيات عالمية ومسؤولون حكوميون في العالم الثالث ممن خبروا السياسة الأميركية ومنهم عرب..
ما زالت الأغلبية الساحقة من الأميركيين لا يعرفون ما الذي يجري لبلادهم ولماذا يجري رهنها بهذا الشكل وتبعيتها بهذه الطريقة العمياء للمصالح الاسرائيلية والصهيونية ويبدو أن الوعي بذلك بدأ يتراكم لتصل الفضيحة الان مستوى يقلق هذه الادارات وخاصة هذه الإدارة الأخيرة لأنها تكشف عورتها للاميركيين أنفسهم وهذا ما يقلقها بشكل كبيرة..
ليس جديداً أن يتحمس مسؤولون أميركيون في مواقع مختلفة وحساسة وخطيرة على مصالح بلادهم لصالح اسرائيل فقد سبق وأن تجسس اليهودي الاسرائيلي جوناتان بولارد الذي كان يعمل مسؤولاً استخبارياً في البحرية الأميركية والذي القي القبض عليه واعترف وسجن وظلت اسرائيل تقايض باستمرار لاطلاق سراحه رغم أنه أميركي بسبب أنه صهيوني يهودي عمل من أجلها في مجال التجسس على الأسلحة الأميركية وزود اسرائيل بذلك وقد سجن بالمؤبد ومنحته اسرائيل الجنسية مجدداً عام 2008 رغم أنه سجين منذ عام 1986..
اليوم ينفضح الطابق أكثر والمسألة تتعدى بولارد وديانته وهويته إلى جهاز كامل منوط به حفظ الأمن القومي الأميركي.. يضع محتويات وملفات عمله بين يدي الاسرائيليين وينسق معهم ويكاشفهم بكل الأسرار ليس الملتقطة من دول العالم وانما من الأميركيين أنفسهم وخاصة من يشكل منهم خطراً ممن ينبهون إلى الدور الاسرائيلي في الوضع الأميركي أو يحاولون التأثير عليه أو التعرض له.
وكالة الأمن القومي الأميركية وفرت لاسرائيل معلومات لا يجوز لهذه الأخيرة أن تطلع عليها لأنها تشمل خصوصية المواطنين الأميركيين ولذا فإن ادارة أوباما كذبت حين ادعت بوجود ضمانات تمنع ذلك لينكشف الآن عكس ذلك تماماً
ومع هذه الفضيحة فإن الادارة (أوباما) قد تكون عارفة وقد لا تكون إذ قد يكون الأمر تم من خلفها وتلك مصيبة أعظم.
فماذا أنتم فاعلون أيها الأميركيون ؟ هل أصبحتم جزءاً من شعوب العالم الثالث التي تتبع ادارتها للسياسة الأميركية وتسمح لبلدانها أن ينخرها التجسس الأميركي الذي لا يصب كله في المصالح الاميركية وانما يخدم اسرائيل أولاً وخاصة في منطقتنا.. منطقة الشرق الأوسط وهو ما يفسر أن المبعوثين الأميركيين للشؤون الخارجية في منطقة الشرق الأوسط ومن خلال العديد من أسمائهم هم أشد مغالاة وتطرفاً لصالح اسرائيل من المسؤولين الاسرائيليين أنفسهم.. ما زلت أذكر قولاً للرئيس الراحل ياسر عرفات وقد سمعته منه مباشرة في غزة حين قال له مدير مكتبه أن موعده مع دنيس روس قد اقترب فصرخ عرفات قائلاً: «لا أريد أن ألتقيه، أريد أن التقي شمعون بيرس إنه أفضل منه» لم يستغرب مدير مكتبه ولكني استغربت، وعندها بدأ يشرح لي لماذا!
alhattabsultan@gmail.com