فن (التماثيل البشرية الحية) في مهرجان جنت ببلجيكا

عروبة الإخباري – خلال أيام مهرجان «جنت» السنوي الذي اقيم وسط المدينة التاريخية البلجيكية «جنت»، واثناء التجوال بين المسارح والشوارع والازقة التي تضم فعاليات المهرجان الشهير، يشاهد الزائر تماثيل لم يرها من قبل، وبعد التدقيق في تفاصيل التمثال تدهشك حركته المقصودة، لتكتشف ان احد فناني الشوارع تنكر بزي غريب وطلاء موحد ليشكل تمثالا يصعب تمييزه. ولهؤلاء قدرة كبيرة على الوقوف لساعات من الصبر والجلد دون حراك عدا عن بعض الحركات البطيئة للذراعين او الجذع.
تعددت اشكال التماثيل البشرية الحية من حيث الشخصية التي اختارها الفنانون، من حيث الطلاء والوانه، فثمة من اختار شكلا مخيفا بقرون ضخمة، وفي كثير من حركاته يعمد على ممازحة المشاهدين بطريقة مفاجأة، وفي اغلب الاحيان يسمحون لمن يرغب بالتقاط الصور بالقرب منهم، وثمة من طلا ملابسه وما ظهر من جلده بلون حجري او جيري ليظهر كأنه تمثال منحوت من الحجر الجيري، ولولا حركاته البطيئة بين الحين والاخر فان الزائر يراه تمثالا حجريا بالفعل.
على مفترق طريق وقف احد اؤلئك الفنانين بزي مختلف تماما، فقد ارتدى ثوبا وعباءة وعمامة، وكان قلما يتحرك امام الجمهور، واكثر ما يميزه انه ظل دائم الابتسام. وبين مجموعة من الفتيات والشباب وقف شاب عاري الصدر، وقف يحمل اقلاما عريضة الخطوط، يناولها لمن يرغب للكتابة والتوقيع على صدره او ظهره او ذراعيه، والطريق في الامر انه يقف مبتسماً يمازح الزوار.
امتهن اؤلئك طيلة أيام المهرجان ذلك كوسيلة لجني شيء من المال أثناء ايام المهرجان. ويمكن للمرء ان يدفع لهم شيئاً بسيطاً من القطع المعدنية المتوفرة بلا احراج، توضع في وعاء صغير امامهم، هؤلاء يجمعون مبلغا يسيرا من المال في تلك الايام العشرة وهي فترة المهرجان لا تتجاوز المائة او المائتين يورو، بهدف جمع كلفة المستلزمات المستعملة من طلاء وملابس واشياء اخرى.
لا يعتبرون ذلك تسولاً، كما قال الفنان البلجيكي سام ترودن: «لسنا متسولين، فأنا اعمل موظفاً دائرة حكومية لكننا نجمع قليلا من المال اللازم لشراء مستلزمات هذا الفن، وعرضه في المهرجان لتجميله، مضيفاً «هذه المدينة الجميلة مدينتي التي أحب، وانا مستعد بشكل دائم للتواجد هنا سنوياً لدعم مهرجانها السنوي الجميل لان هذا واجب أقوم به نحوها».
عمدة المدينة دانيال تيرمونت قال: «لا نمانع قيام اؤلئك الفنانين بأعمالهم، ولا نأخذ منهم بدلا عن ذلك، فهذا لا يعد عملا تجاريا يتكسبون منه اموالا، لا تسول يزعج الزوار، وقد لاحظتم عدم وجود متسولين في المدينة، وما يجمعه الفنان لا يساوي ثمن التكاليف التي يصرفونها على فنهم»، مستدركاً «انهم يضيفون شكلا جميلا للمهرجان، ويقدمون فنا راقيا يسعد الزوار كبارا واطفال، ونحن نشكر لهم عملهم وممكن ان نقدم لهم بعض التسهيلات الميدانية اذا احتاجوا لها».

Related posts

رئيسة اتحاد الكتاب السابقة رناد الخطيب في ذمة الله

مؤسسة شومان تعرض الفيلم التونسي (عرس القمر)

قراءة في رحلة (الطّريق إلى كريشنا) لسناء الشّعلان: كيف عرفتُ نعيمة المشايخ مع سناء الشّعلان؟