سلطان الحطاب/سعد السيلاوي الذي افتقدناه

زميلنا سعد السيلاوي..شافاه الله وعافاه وأعاده إلى المهنة ليخدمها، جمعتنا الأيام فقد درسته الصحافة في الكلية وكان شعاره بعد ان تدرب في صحيفة صوت الشعب التي كنت رئيساً للتحرير فيها أن «الصحافة اقتحام» جاء ذلك في رده على سؤالي أثناء انعقاد قمة الوفاق والاتفاق في عمان في شهر تشرين الثاني عام 1987 وقد منعته الشرطة من الدخول وتعرض للمساءلة في محاولته الامساك بالسيد عمرو موسى وزير خارجية مصر آنذاك ..فقلت لماذا تعرض نفسك لذلك ويجري الاعتداء عليك؟ فقال «الصحافة اقتحام» ومن يومها أدركت أن سعد سيخرج منه صحفياً ملحاً ومثابراً وقادراً على مطاردة الخبر والتفاني من أجل المهنة وقد كان له ذلك فقد عمل مع أكثر من محطة تلفزيونية وفضائية كالـ MBC وقناة العربية وهذه الأخيرة أعطاها الكثير ومكنته من مواصلة المهنة فالتقى العديد من زعماء العالم والشخصيات الفاعلة وغطى احداثاً هامة وكشف عن قضايا خطرة وكوّن صداقات عديدة وعداوات قليلة وقد كانت بعض القيادات تطلبه بالاسم ليحاورها أو يعكس أخبارها.
تمتع بالجرأة ولم يخف رأيه في الأوقات الصعبة وظل يحافظ على التوازن ما بين المصلحة الوطنية ومعطيات الحقيقة التي يمليها الواقع والحدث..أحب الحياة وذهب فيها وأحبته وأعطته فكان كريماً مع أصدقائه «أريحياً « في التعامل معهم..
سعد السيلاوي من الصحفيين والاعلاميين الذين أحبوا مهنتهم وأخلصوا لها وتعبوا فيها ومعها، لم يغادرها الى عمل آخر ولم يخذلها بل بقي وفياً من أجلها وقد حملّه الوفاء للمهنة الكثير من اللوم والعتاب وحتى القطيعة..
أحب زوجته من نفس الكلية التي درس بها وقد كانت فتاة جادة فنانة أخذت الفن والأدب عن والدتها الأديبة السيدة رجاء ابو غزالة التي رحلت في قمة عطائها.
حين رأيته مريضاً في سريره حيث سافر للعلاج في كندا وقد خضع لعلاج صعب اثر اصابته المرضية في الحنجرة احسست بألم عميق فهذه الحنجرة التي كانت أداته في تقاريره الناجحة واخبار السبق التي كان يصل اليها اصيبت ولكن ارادة سعد التي اعرفها سوف تتغلب على ذلك فرغم حبه الشديد للحياة وابتهاجه بها وعدم تحميلها ما لا تحتمل من تعقيدات الا أنه كان قدرياً مؤمناً في أعماقه بمقدرات الحياة وانقلاباتها وطبائعها حين لا تصفو لأحد..وحين تنقلب على صاحبها وتقلب له ظهر المجن متمثلاً قول أبي العتاهية
هي الدنيا تقول بملء فيها…حذار حذار من بطشي وفتكي
اصدقاء سعد الذين أعرفهم والذين لا أعرفهم كثيرون جداً ولكل منهم معه قصة ولم ينقطعوا عن ذكره والسؤال عنه والحرص على الاستفسار عن صحته..وانتظار عودته وقدرته على التكيف مع واقعه الجديد الذي لن يعدم نتاج قوة ارادته من أن يبنيه ويعيد تأهيله ويقوى على العيش الكريم فيه.
سعد قدم الكثير وما زال يستطيع وهو بدأ حياته عصامياً من الصغر ..لم تكن حياته سهلة ولكنه شقها بقدرة وصبر وشجاعة ومواظبة ..كان الراحل استاذنا الكبير محمود الكايد معجباً به وكان يقول «هذا الغضيب بطلع منه الكثير..انتظروه» وكان رهانه صائباً , وآخرون عديدون شهدوا فيه ولم يخيب ظنهم.
افتقدناه على شاشة العربية كما افتقده زملاؤه هنا في عمان ممن عملوا معه وعمل معهم وكذلك من هم في مركز قناة العربية الذين احتفظ بعلاقات صداقة معهم توازي وتزيد عن علاقة العمل ولذا فإن مكانه سيبقى وعودته ستدخل السرور الى نفوس اصدقائه ومعارفه الذين يدعون المولى له بالشفاء والعودة الظافرة مع حياة مملوءة بالحب والعطاء والمودّة وما ذلك على الله بعزيز..
alhattabsultan@gmail.com

Related posts

سكوت ريتر: لماذا لم أعد أقف مع إسرائيل؟ ولن أقف معها مرة أخرى

ماذا لو فاز ترمب … وماذا لو فازت هاريس؟* هاني المصري

الأمم المتحدة…لنظام عالمي جديد ؟* د فوزي علي السمهوري