عروبة الإخباري – وصل فريق من مفتشي الأمم المتحدة أمس الى دمشق للتحقيق في الاتهامات باستخدام الاسلحة الكيماوية، حيث يتوقع أن يبقى الفريق في سوريا لمدة 14 يوما يمكن تمديدها بموافقة متبادلة، في وقتٍ سقطت خمسة صواريخ في منطقة بلدة الهرمل شرق لبنان التي تعتبر معقلاً لحزب الله، وأطلقت قوة من الجيش الإسرائيلي صاروخاً مضاداً للدروع باتجاه موقع للجيش السوري وسط هضبة الجولان المحتلة، مع احتدام معارك الداخل، وخاصة في ريف اللاذقية، معقل النظام.
وأفادت مصادر لوكالة «فرانس برس» أمس، ان «اكثر من عشرة مفتشين وصلوا الى فندق فور سيزنز في العاصمة السورية دمشق، حيث كانت في انتظارهم مجموعة من الصحافيين»، إلا ان المفتشين لم يدلوا بأي تصريح. وأوضحت المصادر ان فريق المفتشين الذي يترأسه السويدي اكي سيلستروم «امضى أياما في لاهاي في انتظار المغادرة الى دمشق التي وصلها برا قادما من بيروت».
مضيفةً أنه «من المقرر ان يبقى الفريق في سوريا لمدة 14 يوما يمكن تمديدها بموافقة متبادلة». وتقضي مهمة المفتشين بالتأكد من الاتهامات المتبادلة بين نظام بشار الاسد ومعارضيه باستخدام اسلحة كيماوية في النزاع، وليس تحديد الجهة المسؤولة عن ذلك.
وكان مسؤول في وزارة الخارجية السورية أفاد لـ«فرانس برس» ان «المفاوضات بين سوريا والامم المتحدة انتهت في شكل ايجابي، وينتظر وصول الفريق الى سوريا في الأيام المقبلة»، وأنه «ليس لدى دمشق ما تخفيه». وأضاف: «لم تكن هناك اي صعوبة في المفاوضات، لقد اكدت سوريا استعدادها لمنح كل التسهيلات ليتمكن فريق (المفتشين) من إنجاز مهمته كما يجب».
وكان الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون أكد ان هدف المنظمة الدولية هو اجراء «تحقيق مستقل ومحايد تماماً». وأعلنت الامم المتحدة في نهاية يوليو الماضي ان دمشق ستسمح للخبراء الأمميين بالتحقيق في ثلاثة مواقع تحدثت معلومات عن استخدام سلاح كيماوي فيها، احدها خان العسل في ريف حلب (شمال). وتبادل النظام والمعارضة الاتهامات باستهداف خان العسل بسلاح كيميائي في مارس الماضي، ما ادى الى مقتل نحو ثلاثين شخصا.
وكان دبلوماسيون في الأمم المتحدة أفادوا مطلع اغسطس الجاري ان المفتشين سيزورون موقعين آخرين هما الطيبة في ريف دمشق، حيث رصد هجوم بسلاح كيميائي في مارس ومدينة حمص (وسط)، حيث يشتبه بوقوع هجوم كيميائي في 23 ديسمبر. وطلبت دمشق تحقيقا أمميا في موضوع الاسلحة الكيميائية منذ مارس، لكنها شددت على وجوب ان تنحصر مهمة مفتشي الامم المتحدة في موقع خان العسل.
وتقول الامم المتحدة ان فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة أبلغت المنظمة الدولية بحصول 13 هجوما بالسلاح الكيماوي في سوريا من قبل قوات النظام، في حين ان روسيا اعلنت ان تحقيقاتها كشفت استخدام غاز السارين في خان العسل من قبل المعارضة المسلحة.
لبنان والجولان
ميدانياً، سقطت خمسة صواريخ في منطقة بلدة الهرمل شرق لبنان التي تعتبر معقلاً لحزب الله. وأعلن مصدر امني ان «صاروخين سقطا في بلدة الهرمل في المنطقة الواقعة بين جمعية المبرات الخيرية ومشاريع القاع ولم يسفرا عن اصابات». وأضاف ان «ثلاثة صواريخ اخرى سقطت في محيط الهرمل».
ولم يتضح ان كانت الصواريخ اطلقت من الاراضي اللبنانية او عبر الحدود مع سوريا.كذلك، ذكرت الإذاعة أن قوة من الجيش الإسرائيلي أطلقت صاروخا مضادا للدروع باتجاه موقع للجيش السوري وسط هضبة الجولان المحتلة.
وأشارت الإذاعة إلى أن الجيش «أطلق الصاروخ بعد ان تم إطلاق عدة قذائف هاون من ذلك الموقع باتجاه الأراضي الإسرائيلية بدون وقوع إصابات جراء ذلك». وذكرت مصادر في الجيش للإذاعة الاسرائيلية أنه «لوحظ إصابة الموقع السوري»، بدون ذكر المزيد من التفاصيل.
وفي الداخل، أرسلت القوات النظامية تعزيزات الى ريف محافظة اللاذقية في غرب سوريا، حيث تخوض معارك عنيفة مع مقاتلين معارضين. وأفاد المرصد السوري لحقوق الانسان ان «القوات النظامية ارسلت تعزيزات ضخمة الى ريف اللاذقية، وقصفت المناطق التي يسيطر عليها مقاتلو المعارضة بشكل عنيف».
وأشار الى ان «اشتباكات عنيفة دارت في ريف اللاذقية، لا سيما في منطقتي استربة والحمبوشية في محاولة من القوات النظامية استعادة السيطرة على كامل المنطقة»، موضحا ان الجيش النظامي «سيطر على اطراف بعض القرى». وفي انحاء مختلفة من سوريا، قصف الطيران الحربي مناطق عديدة، منها جبل الأربعين في محافظة ادلب (شمال غرب) ومدينتي داريا والزبداني قرب دمشق، ومدينة دير الزور شرق البلاد.
موقف الأسد
قال الرئيس السوري بشار الأسد أمس، إن بلاده «مصممة على مواجهة الارهاب حتى اجتثاثه من جذوره». ونقلت وكالة الأنباء السورية الرسمية عن الأسد قوله لدى استقباله وفدا من الأحزاب الموريتانية: «
إن سوريا رحبت بكل الجهود البناءة والصادقة لإيجاد حل سياسي للأزمة، لكنها في الوقت نفسه مصممة على مواجهة الإرهاب حتى اجتثاثه من جذوره، وهي قادرة على ذلك من خلال تلاحم قل نظيره بين جيشها الباسل وشعبها المفعم بإرادة الحياة والإيمان بالوطن، بالرغم من كل المعاناة والضغوط التي يواجهها»، على حد وصفه. دمشق- يو.بي.آي
تعد الأسلحة الكيماوية السورية، التي تعود الى عقود عدة من أكبر ترسانات الشرق الاوسط، لكنها لا تزال موضع تكهنات، إذ إن المعلومات العامة عنها غير متوفرة. وأقر النظام السوري للمرة الاولى في 23 يوليو 2012 بأنه يملك اسلحة كيماوية. وبدأ تنفيذ البرنامج السوري خلال سبعينات القرن الماضي بمساعدة مصر ثم الاتحاد السوفييتي سابقاً، كذلك ساهمت فيه أيضا روسيا خلال التسعينات ثم ايران اعتبارا من 2005.
واعتبرت محللة في برنامج الحد من الانتشار ونزع الاسلحة في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية أنه «اكبر برنامج اسلحة كيماوية في الشرق الاوسط». وأكدت ان «الكثير من المعلومات جمعت حول هذا البرنامج بعد انشقاق بعض الضباط، لكنها بعيدة كل البعد عن ان تكون كاملة».
وأكد خبير في مركز الدراسات حول الحد من انتشار الأسلحة في معهد «مونتيري» الأميركي ان «الاحتياطي السوري يضاهي مئات الأطنان من العناصر الكيماوية المختلفة»، بينما اعتبر اخصائي فرنسي في مؤسسة الابحاث الاستراتيجية ان «مجموعة مختلف العناصر الكيماوية قوية». وأضاف ان السوريين «نجحوا في التحكم في توليف الأجسام الفوسفورية، إن آخر جيل الاكثر نجاعة والاكثر سماً في الاسلحة الكيميائية، وفي هذه العائلة نجد غاز السارين وفي.اكس وعناصر اقدم من ذلك بكثير مثل غاز الخردل».
وقصف الطيران الاسرائيلي في الثلاثين من يناير الماضي موقع صواريخ ارض-جو قرب دمشق ومجمعا عسكريا مجاورا يشتبه في أنه يحتوي على مواد كيماوية. وتخشى اسرائيل نقل تلك الاسلحة إلى حزب الله اللبناني. وأفادت صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية حينها ان الغارة «قد تكون ألحقت أضرارا بأكبر مركز ابحاث سوري حول الأسلحة البيولوجية والكيماوية».