«حماس» تضع عقبات المصالحة وقراراتها بيد «المرشد»

عروبة الإخباري-  تحول ملف الانقِـسام الفلسطيني وما شهده من مد وجزر إلى عقدة يصعُـب فكّ طلاسِـمها، رغم ما بذل من جهد كبير ومستمِـر منذ عام 2006، في مطاردة مثيرة للحل العصي على أصحاب القضية أنفسهم وعلى الوسيط المصري والعربي، فبعد جولات من الحِـوار المكثّـف، وزيارات إلى مصر ومن مصر، ورسائل مع غزة وأخرى مع الضفة، واستقبالات في القاهرة، والدوحة وغيرها ما زالت الأمور في مربَّـعها الأول حيث تسود الشكوك وتطفو الترتيبات والخلافات الثانوية والتفاصيل المعقدة والتعجيزية المتبادلة، وكلما شارف هذا الملف على الانتهاء يصطدِم في كلّ مرة بمشكلة جديدة ما أن يعثر لها عن حلّ إلا وتظهر مشكلة أخرى تفرِض نفسها بقوّة، وتطيح بكلّ ما سبق إنجازه، ويرى محللون أن هذه المرحلة التي تمر فيها القضية الفلسطينية من أصعب المناخات فيما يتعلق بتحقيق المصالحة .

«حماس» ترى أن السلطة الفلسطينية في سعيها للمصالحة تسعى إلى تصفية وجودها في الضفة، واستعادة غزة، في حين ترى حركة فتح أن الانقلاب في غزة يجب أن ينتهي ليعود القطاع إلى حضن الشرعية ثم يحسم صندوق الاقتراع مستقبل القطاع والضفة معا ويحتكم الجميع لإرادة الشعب، إلا أن حركة حماس ليست على استعداد لخوض هذه المغامرة التي قد تفقدها الشطرين معا.

قرار «حماس»

ويرى مراقبون أن المصالحة اليوم أبعد ما تكون مقارنة بأي وقت مضى نتيجة إصرار «الإخوان المسلمين» على التمسك بأهم وآخر معقل لهم في غزة إثر سقوط نظامهم في مصر وتراجعه في تونس، ما يجعل من تحقيق المصالحة والتوافق على الحكومة الانتقالية التي دعا الى تشكيلها الرئيس محمود عباس مع انتهاء المدة القانونية لحكومة رامي الحمد الله في رام الله في 14 أغسطس الجاري أمراً مستحيلا .

ومن جهته يرى الكاتب طارق الكرمي في حديثه لـ «البيان» أن «قرار إنجاح المصالحة من عدمه من جانب «حماس» يعود لمرشد الإخوان المسلمين نفسه ولا يمتلك أي من قادة الحركة في الداخل والخارج البت في مثل هذا القرار»، وأضاف: «استمرار سيطرة «حماس» على قطاع غزة مصلحة استراتيجية للإخوان المسلمين وبعد أمني مهم في ظل التراجع السريع الذي يشهده تيار الإخوان المسلمين الذي وصل سدة الحكم بسرعة وبدأ يسقط بسرعة، إذ تعتبر حركة حماس الذراع العسكري للإخوان في العالم العربي ككل وهي الحامي لمصالحها حين تقتضي الحاجة للعنف وللحسم العسكري، لذلك من الصعب أن تتجه «حماس» نحو المصالحة والموافقة على المشاركة في حكومة انتقالية من شانها أن تعتبر بداية حقيقية لإنهاء الانقسام».

تمرد غزة

وفي الوقت الذي يأس فيه الشارع في قطاع غزة من متابعة مسلسل المصالحة الذي لا ينتهي تنشط بعض الجهات بنشر دعوات الكترونية تدعو فيها إلى التمرد في غزة وكسر الصمت لإسقاط حكومة اسماعيل هنية المقالة وإجبار حركة حماس على المضي قدما نحو الحكومة الانتقالية والتحضير للانتخابات الضرورية لإعادة الشرعية من جديد إلى عصب الحياة الفلسطينية ابتداء بالرئاسة والمجلس التشريعي والبلديات والمجالس واعادة هيكلة منظمة التحرير .

ولعل أبرز تلك التحركات التي اشارت إليها وسائل اعلامية عدة الصفحة على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك «تمرد على الظلم في غزة»، حيث نشرت الصفحة ثلاثة بيانات مصورة تدعو فيها المواطنين في القطاع إلى الخروج للتظاهر ضد الظلم في غزة .وفي ذات السياق تحدث أحمد الغزاوي أحد المسؤولين في إدارة الصفحة في اتصال هاتفي من قطاع غزة لـ «البيان» قائلا: «نحن الغزيين نرفض نهج «حماس» وطريقة «الإخوان» في الحكم ابتداء بالإقصاء وانتهاء بقمع الحريات والتعدي على الخصوصيات الفردية في محاولة لإنشاء إمارة اسلامية وفق تعاليم الإخوان المسلمين – على جزء من الأراضي الفلسطينية التي تسعى للتحرر والعيش في كنف دولة قانون ديمقراطية ومدنية، ولكن التشديدات الامنية التي تمارسها أجهزة الحكومة المقالة تمنعنا من التعبير عن إرادتنا وتمنعنا من التظاهر».

تحرك دولي

وكشف الغزاوي عن تحرك شعبي انطلق من غزة للاتصال مع فلسطينيين وسياسيين ونشطاء وحقوقيين في دول أوروبية عدة لحمل المجتمع الدولي على الضغط على «حماس» في القطاع من أجل السماح للغزيين بالتظاهر والتعبير عن إرادتهم ورغبتهم، بالإضافة إلى السماح للصحفيين بتغطية حقيقية وموضوعية لما يجري في القطاع من ممارسات وتعديات على المواطنين وحرياتهم وأملاكهم وحقوقهم .وأضاف: «الدعوة الى التمرد لم تكن خياراً بل هو حالة اضطرارية افرزها الظلم والتمييز والحالة اللاإنسانية التي يعاني منها مليون ونصف المليون فلسطيني في قطاع غزة نتيجة سياسة الفئوية التي تمارسها حكومة الإخوان المسلمين حماس غزة».

حملات تفتيش

في موازاة تحرك التمرد في غزة، أوضحت مصادر  أن الاجهزة الأمنية في قطاع غزة تنشط في حملات تفتيش فجائية وعشوائية بحثا عن بيانات أو أوراق أو وثائق تقودهم إلى الجماعات الإلكترونية التي تدعو إلى التمرد خوفا من تطور هذه الحملات وخروجها من الفضاء الالكتروني إلى أرض الواقع» .

وتجدر الإشارة إلى أن الحكومة المقالة نفذت في غزة حملة اعتقالات واستدعاءات واسعة بصفوف كوادر حركة فتح في القطاع المتهم الاول باعتقاد «حماس»، ومن المتوقع أن يتحول القطاع إلى ساحة عنف في حال خرجت المظاهرات بشكل علني الامر الذي ستواجهه الأجهزة الأمنية التابعة للحكومة المقالة بقوة مفرطة.

Related posts

حلف الناتو يشيد بجهود الملك لمنع المزيد من التصعيد في الشرق الأوسط

الكنيست يصادق على قانون ترحيل عائلات “منفذي العمليات”

وزير الداخلية الفرنسي يسعى لعقوبة باريس سان جرمان لمناصرته فلسطين