فخري أبو شقرة/صرخـة من الأعماق لا تقبلـوا بتقسيـم فلسطيــن

أيها الفلسطينيون ، يا أبناء قلب العروبة من مسلمين ومسيحين لا تقبلوا تقسيم فلسطين ، فإن مجرد قبولكم المبدأ يعني تنازلكم التاريخي واعترافكم أن الأرض التي تنازلتم عنها ليستم ملككم ، وأنكم كنتم مغتصبين لها طيلة آلاف السنين إلى أن جاء من يدعي أنهم أبناؤها وأن فلسطين أمهم.

 

إن كافة الحجج والبراهين التي قدموها لإثبات انتمائهم لأرض فلسطين باطلة من أساسها ، فقد بنوها على خرافات أن لهم إله خاص بهم منحهم هذه الأرض وأنهم أخرجوا منها ظلما وبهتانا.

 

نحن لسنا بحاجة إلى تكذيب تلك المقولة فقد قام بها علماءهم بأنفسهم ، علماء الآثار منهم قالوا انهم بعد التنقيب المستمر لم يجدوا ما يثبت أنهم كانوا على هذه الأرض أبدا ، وعلماء الاجتماع منهم قالوا إن مقولة “الشعب اليهودي” هي أكذوبة تاريخية اختلقوها لتبرير احتلالهم طبقا لمبادئ الصهيونية الاستعمارية.

 

لا تقبلوا يا أبناء فلسطين تقاسم أمكم التي ولدتكم وأرضعتكم وربتكم رجالا ، لا تقبلوا أن تقتل وتقسم مهما كان الجزء الذي سيعطى لكم لأن قتل الأم جريمة تهتز لها السماوات والأرض.

                        

هل تذكرون قصة الامرأتين اللتين احتكمتا إلى سليمان الحكيم تدعي كل منهما أمومة طفل صغير وأقسمتا بكل الإيمان وقدمتا البراهين والشاهدين على أقوالهما فما كان من سليمان إلا أن أمر بقطع الطفل وإعطاء كل منهما جزء منه إحداهما وافقت والأخرى صرخت لا تقسموه هذا ليس ابني لقد أخطأت إنه ابنها، وبشهادة كل جيرانها الكبار عندها عرف سليمان من هي أمه الحقيقية وحكم لها فهي لم تقبل تقسيم طفلها وفضلت أن تأخده الاخرى وأن لا يقتلوه..

 

فكيف تطلبون منهم أن يوافقوا على تقسيم أمهم فلسطين ! لن يوافقوا .. وقد يرضخون للظلم والقوة لأناس غيرهم لا يمانعون تقسيمها وتقطيعها وإسكانهم بجزء هزيل منها ، ولكن كلا وألف كلا أمهم ليست للقسمة ولن يسمحوا بتقطيعها بل وسيصرون على أن تبقى واحدة سليمة ومعافاة . إنهم يشاهدون وقوعها بالأسر واسعتبادها واستغلالها واغتصابها وادعاء ملكيتها، نعم هم يرون ذلك أمام أعينهم ويروا العالم الصهيوني كله يقف مع أبنائها المدعين المحتالين الذين وافقوا على تقطيعها ..

 

قد لا يستطيعون الآن تخليصها من العبودية فخصمهم أقوى منهم وتسنده كل القوى الظالمة في هذا العالم الجائر .. القوى التي باركت توجه المدعين أنهم أبناؤها وأنها كانت أمهم في غابر الزمان ، القوى التي ساعدتهم على استيطانها واحتلالها وزودتهم بالمال والنفوذ والسلاح لتحقيق أهدافهم ، وهذه القوى هي التي تتباكى الآن على حرمان أبنائها الأصليين من حقوق الإنسان وتسكت ضميرها بمدهم بالإحسان لينفقوا على أنفسهم وينسوا أن لهم وطن وأم أسمها فلسطيــن.

 

إلى متى سيظل أبناء فلسطين الأصليين حبيسين في المخيمات أو هائمين على وجوههم يطلبون الرزق في أرض الله الواسعة أو صامدين على أرضهم تحت الاعتقال في السجون.

 

هؤلاء لن يقبلوا بتقسيم أمهم مهما كثرت المغريات والوعود ، خلقوا منهم  فئة تريد أن تحكم، تريد سجادة حمراء ونشيدا وطنيا وعلما عربيا ، وقال لهم أعداءنا اقبلوا هذا العرض وسموه ما شئتم دولة أو امبراطورية ولكن لن تزيد مساحتها عن 15% من كامل أرض فلسطيـن…

 

كيف حصل كل هذا ..!! وبهذه السهولة .! صحيح أن القوى الصهيونية العالمية والمحلية أقوى من العرب وقد سيطرت عليهم وعلى مواردهم ، ولكن لم يكن هذا ليحصل لو حافظ العرب على قلبهم (فلسطيـن) ولم يسمحوا باحتلالها ونسيانها والاكتفاء بتقديم بعض المال ليصرفوا على ما تبقى من سكانها لكي ينسوا أن لهم وطنا اسمه فلسطين يجب العمل على تحريره و استرداده.

 

بدأ الفلسطينيون يستجدون الحل لقضيتهم من القتلة و المجرمين الذين اغتصبوها ، والذين أجهضوا كل ثورات أهل فلسطين على مر السنين وحولوهم من مجاهدين ومناضلين إلى قوم ينتظرون تسلم رواتبهم آخر كل شهر لكي يستطيعوا تغطية تكاليف الحياة.

 

لا تقبلوا تقسيم فلسطين مهما جارت الأيام ومهما تخاذل الأخوة والأصدقاء عن نجدتكم ودعمكم.

 

عندما قامت قوى الغدر والخيانة بالموافقة على تقسيم فلسطين وخلق دولة صيهونية لليهود على أرضها بعد طرد سكانها وتشريدهم ، لم يخطر في بالهم أن على هذه الأرض شعب لن يموت قد يستطيعون اخضاعهم بالقوة والجبروت ، قد يستطيعون تفريغ جزء كبير منهم والقائهم في مراكز اعتقال تسمى “مخيمات اللجوء” ، قد يستطيعون تشتيتهم في بقاع الأرض ولكن لن يستطيعوا القضاء عليهم.

 

لقد اختارت القوى الاستعمارية احتلال قلب الأمة العربية (فلسطين) فأصبح الجسد العربي بلا حياة ، انظروا إلى ما وصل العرب إليه بعد تخليهم عن فلسطين ، أصبحوا دولا محتلة وممزقة دولا مدمرة ودولا تنهب ثرواتها و خيراتها أمام أبنائها ، دولا يحتل الاستعمار أرضها ، ودولا في الطريق إلى التدمير والخراب..

 

لقد مرت فلسطين عبر التاريخ بكثير من حالات الغزو والاحتلال فأين هؤلاء المحتلون .! أين هم الآن .! فقد ذهبوا إلى مزبلة التاريخ وبقي الشعب الفلسطيني صامدا في وطنه وعلى أرضه لأنه لن يقبل أبدا بتقسيم هذا الوطن ومشاركته مع المحتلين الغاصبين.

 

لن يقبل الفلسطينيون التخلي عن أرضهم وسيعيشون هنالك حتى لو كانوا جميعا داخل السجون أو محاصرين في معسكرات اعتقال وفي سجون لم يسجل التاريخ أكبر منها حجما، سجون تتسع لمليون ونصف المليون سجين يعيشون تحت حصار جائر لم يجرؤ على كسره أحد.  

 

نحن لا نعرف ماذا تخططون  لتصفية القضية، ولكننا نعرف أن فلسفة الصهيونية وفكرها العفن لا مجال فيه لإقامة  دولة للفلسطينيين.. إذن ما هو حلكم لشعب يصل تعداده إلى  11 مليون بين المهجر والمخيم والسجن .. سوف يرفض أهل فلسطين التنازل عنها حتى لو حكمتم عليهم بالجوع .. فالموت جوعا وظلما أهون عند الله من قتل الأم وتقسيمها..

 

أفيقوا يا قادة الفلسطينيين فقد وشك الزمام أن يفلت وعندها سيحترق كل شئ فلا تكونوا أول من يقدموا قربانا في هذه النار.

 

 أفيقوا وتنازلوا عن السجاد الأحمر والألقاب الخاوية من المعنى والمضمون… لستم بحاجة إلى فخامة رئيس وسيادة رئيس وزراء ومعالي وزراء من الذين لا يستطيعون الحركة داخل وطنهم أو السفر خارجه إلا بإذن من جنود الإحتلال. . أي سيادة هذه التي تسعون خلفها مقابل تنازلكم عن حقكم التاريخي في أرض فلسطيـن ، هذا أمر لن يقبله التاريخ وسيتعبره من أكبر أخطائه التي تصل إلى حد الخيانة ابقوا على أرضكم واصمدوا في حضن أمكم وتحملوا الظلم والاعتقال والسجن ولكن لا ترحلوا ولا تستسلموا ولا تتنكروا لأمكم فهي بحاجة لكم الآن أكثر من أي وقت مضى ..

 

يلومني بعض الأصدقاء بأن دعوتي هذه بالعيش مع المغتصبين في فلسطين هي تحقيق لمطلب اسرائيلي فهم يقولون ذلك بحسن نية .. ولكني أقول لهم إن وجود الفلسطيني ومعيشته مع السارقين سوف يذكرهم للأبد بأن صاحب الأرض ما زال حيا ولن يعترف لهم بسرقة أرضه ولن يتنازل عن حقه التاريخي في أكثر من  80% من وطنه ، هذا الجزء الذي سرقوه واغتصبوه تحت رعاية دول الاستعمار وعملاء الصهيونية..

 

وجوده بينهم سيمنعهم من ادعاء الملكية فصاحب الأرض المسروقة ساكت لأنه يرى العالم حوله بمن فيه أشقاؤه العرب يقفون متفرجين على هذه المآساة لا يقدمون أكثر من حسنة من مالهم أقل من نسبة الزكاة الواجب دفعها .. لقد باعوا فلسطين في عقولهم .. لقد نسوا القدس وصراخها المستمر طلبا للنجدة .. وما زالوا يدعون الإسلام..!

 

حولوا دينهم الذي يدعو إلى العدالة والأخلاق إلى دين يحرص على تربية اللحى ولبس الدشاديش القصيرة وترديد أدعية تعفيهم عن العمل .. لم يعد الدين هو الطريق إلى العدالة والشرف والاستقلال والمحبة ، أصبح الدين لعبة سياسية للوصول إلى كراسي الحكم .. ونحن لا نأمل من هكذا مسلمين خيرا .. وهم بدورهم لم يقوموا بعمل إيجابي يثبت خطئنا .. عند العرب من الموارد ما يستطيعون استعماله لاسترداد حقوق الفلسطينيين ولكنهم غير معنيين بذلك .. فلم تعد كلمة (العروبة) تعني شيئا فقد أصبحت كلمة ممجوجة يعاقب عليها القانون لقد جعلونا نقدس الإقيليمة العنصرية يفرقون بين الناس طبقا لمكان ولادتهم وليس طبقا لانسانيتهم وانتمائهم للوطن الذي يعيشون فيه.. أصبحوا يميزون بين الناس ويمعنون في تمزيقهم على أساس الدين والمذهب ومسقط الرأس .. لقد وصلنا إلى الحضيض ونرى حولنا  وضعا عربيا متخاذلا باع نفسه للاستعمار وللشيطان الصهيوني ، إلا ما نذر فهناك بعض الاستثناءات من دول عربية تحاول أن تعمل وتخفف من متاعب أهل فلسطين وتساندهم في نضالهم للمطالبة بحقوقهم.

 

وصل العرب حالة من الانحطاط لم تصلها الامة العربية في تاريخها .. نحن نعيشها الآن ونسجلها بدم شهدائنا ومعتقلينا وأصحاب الرأي الحر منا.

 

أيها العالم نحن لسنا إرهابيين ولسنا قتلة ، نحن بشر مثلكم نريد حقوقنا السياسة والمدنية كاملة لا منقوصة ولن نتنازل عنها مهما طال الزمن ، فقد شهدت بلادنا على مدى تاريخها استعمارات عديدة ولكنها صمدت واستقلت وتخلصت من الظلم والطغيان والاغتصاب.

 

لماذا ! لأن أبناءها رفضوا تقسيمها ولم يقبلوا بتقطيعها فهي أمهم وهي مقدسة والجنة تحت أقدامها ..

 

لا تقسموا فلسطيـن.! يكفي أنكم قسمتم شعبها ودفعتموه إلى الغربة والشتات ووصلتم إلى درجة حرمانه من حق اللجوء لديكم، لا تقبلوا بتقسيم فلسطين ، فيا قادتنا الكرام ابحثوا لنا عن حل آخر يحفظ لنا ذرة من الشرف والكرامة..

Related posts

ماذا لو فاز ترمب … وماذا لو فازت هاريس؟* هاني المصري

الأمم المتحدة…لنظام عالمي جديد ؟* د فوزي علي السمهوري

ما الخطر الذي يخشاه الأردنيون؟* د. منذر الحوارات