خلط الإخوان المسلمون الدين بالسياسة، فشوهوا الدين بالافتاء القسري لخدمة أهدافهم وأضعفوا السياسة ولم يستطيعوا الإدارة بها أو ادارتها وراحوا يلهثون ما بين الدين والسياسة فلم يدركوا هذا ولم يصلوا إلى تلك وكان من قبل قد وصف مثل أفعالهم ابن رشد المفكر الأبرز في تاريخ العرب والمسلمين حين قال «أولئك الذين جعلوا من الدين ابناً رضيعاً للسياسة»..فالإخوان في مصر سحبوا الافتاء على السياسة وأرادوا أن يجعلوا منها نصوصاً دينية حين تكون بأيديهم وعملاً رجساً حين تكون بايدي غيرهم..
احترفوا المعارضة وأتقنوها وأوهنوا من خلالها كل بناء أو عمل لا يصدر عنهم حتى إذا أصبحوا في الحكم وقعوا في اخطاء قاتلة وقد ظلوا يعملون من أجل أن يكونوا في الحكم أو في المعارضة دون أن يكون لديهم الاستعداد أن يكونوا شركاء يتدربون على الحكم ويرشدون في استعمال المعارضة، لم يجربوا الشراكة وحين جربوها لظروف ظلوا يضعون عيونهم على حصة شركائهم إلى أن يسلبوها منهم وعندها يبدأون في تغطية أخطائهم بالافتاء الذي لا يلبث أن يكشف عن مصالح ضيقة أكثر مما يسند أعمالاً مبررة.
الذين قبلوا الشراكة في المغرب استمروا، وقد يستمرون إلى حين بسبب أن الاسلاميين في المغرب من الذين يحكمون الآن ليسوا اخواناً كما قال ممثلهم رئيس الوزراء المغربي عبد الإله بن كيران، أما الاخوان في تونس فهم يستعملون لبقائهم في الشراكة خلفيات تربية علمانية وتجربة منفى قيادتهم إلى أوروبا ومعاينتها للتعددية والشراكة ومع ذلك فإن التجربة في تونس الآن برسم الاهتزاز كلما انكشفت رغبتهم في أسلمة المجتمع مما يعني الخلل في التراكيب الاجتماعية ومصادرة حقوق الاخرين ونفي أسلوب التعددية وقبول الآخر وفرض أنماط من السلوك غير مجربة وقد لا يستطيع المجتمع التونسي التكيف معها..
التجربة المصرية هي التي فشلت فقد فشل الاخوان المسلمون الذين استولوا على الثورة واستعجلوا النزول عن «أحد» للانقضاض على مفاصل الدولة وجني الغنائم واذا بهم في الحكم دون أن يمتلكوا أدواته (الشرطة والجيش والمؤسسات) أو خبرته (جاءوا من السجون أو الشارع دون أن تكون لهم تجربة المشاركة) ولذا فإنهم اعتقدوا انهم بانصاف أنصارهم يستطيعون البقاء أو بالخطابة والوعود التي لا تسمن ولا تغني من جوع فالسماء لا تمطر ذهباً ولا فضة كما قال عمر بن الخطاب..
مع التجربة المصرية الإخوانية لم تسعد مصر ولم تصبح المحروسة أكثر رخاء بل أصبحت أكثر معاناة استفز النظام الجديد شبكة العلاقات المصرية العربية التي انقلبت عليه حين بدأ تصدير الثورة الاخوانية بعدما امتلكت جماعة الاخوان النفوذ فكانت القطيعة مع الامارات العربية ومع الكويت والسعودية ودول عربية أخرى حتى الأردن لم يسلم من الضغوط التي استعمل فيها الغاز المصري المصدر اليه وسيلة كما لم تسلم دول افريقية فقد خشيت معظمها ما يجري في مصر وكان من ردود الفعل ابراز اثيوبيا رغبتها في بناء سد يحجز مياه النيل ويصيب حصة مصر بالخطر وهو الأمر الذي سيبطله النظام المصري الحالي حين يطمن الدول الافريقية خاصة اثيوبيا بسياسته..
ولأنهم يضعون عيونهم على السلطة «الاخوان المسلمون» ويريدونها بكل الوسائل سواء اقنعوا المواطنين بها ام لم يقنعوهم فقد خرجوا إلى الميادين للاحتجاج الذي سيؤدي تفاقمه إلى شق الوحدة الوطنية واستدعاء الحرب الأهلية بدل الايمان بالمشاركة والذهاب إلى صناديق الاقتراع إلى أن ينضجوا وتنضج فيهم المشاركة والدربة على الحكم ولدينا نموذج حماس في غزة فهل يغير الاخوان اسلوبهم؟ (وأنا اشك في ذلك) فيعودوا إلى كلمة سواء إلى المشاركة طالما سمح لهم بحرية التنظيم والتعبير والتحزب والمشاركة بدل استمرار طلب السلطة بالدم أو المعارضة التي تشل مصر الآن وتبقيها في الشارع..
لم يثبتوا أنهم يرحمون شعبهم وبلدهم فقد قال كبيرهم المرشد السابق «طز في مصر»..
alhattabsultan@gmail.com