يكاد ينفرد المسؤول الاردني بمفاهيم مالية واقتصادية غريبة عجيبة، هذه المفاهيم تعتمد الضرائب على الضرائب، وتفرضها بأثر رجعي بعضها يرجع الى سنوات كما يطرح الحكمة بأثر رجعي، وفي حالات يتم فرض ضرائب على المواطنين والمستثمرين خدمات غير موجودة اصلا، منها على سبيل المثال ضريبة الانتفاع بخدمات الصرف الصحي والتلفزيون وبدل النفايات، واحدث صرعة ضريبية جديدة هي معاقبة المجتهد الذي يستثمر ويتعب ويسهر لتأتي وزارة المالية في غمضة عين بفرض ضرائب ورسوم جديدة، واذا ما اعترض المواطن و/او المستثمر يشهر المسؤول المقولة الشهيرة …خزينة الدولة جيوب مواطنيها…وهي كلمة حق يراد بها باطل في باطل.
من المتعارف عليه ان الضرائب والرسوم هي كوابح صارمة في وجه التنمية، وتولد بيئة استثمارية طاردة تنفر المستثمرين، وتحد من قدرة الاقتصاد على استقطاب المزيد من الاستثمارات، ومع ذلك نجد الحكومة تصر على فرض المزيد من الضرائب خروجا على الوظائف الاقتصادية والاجتماعية للضرائب، وتعيدنا الى مفاهيم الجباية وزيادة ايرادات الخزينة بغض النظر عن الانعكاسات الكارثية على الاقتصاد.
تشير الارقام المالية ان شركات الاتصالات ( اورنج، زين، امنية) تشكل نسبة جيدة هي حصيلة الضرائب من الدخل والمبيعات والخاصة والمشاركة في العوائد، وتحصل الحكومة على نصف دينار من كل دينار تحصله شركات الاتصالات من وراء خدماتها، اي ان هذه الشركات تؤدي ما يجب ان تؤديه، وان جسر فجوة التمويل لن يتحقق وفق الطريقة التي تنفذها المالية، اذ لابد من الوصول الى حد آمن لفرض الضرائب بعيدا عن التذرع بعجز الخزينة، اذ يجب ان يتم النظر الى جانبي المعادلة وهي الايرادات والنفقات، بينما نجد الحكومات الواحدة تلو الاخرى تنظر فقط الى الايرادات.
ليس من باب المصادفة أن نجد الأردن المستقر سياسيا وأمنيا في إقليم مضطرب لا يستطيع استقطاب استثمارات هاربة أو مهاجرة تبحث عن النماء في اي مكان، هذا الاخفاق سببه الاساءة الى بيئة الاستثمار في المملكة بينما نجد العالم يسارع الى تقديم الحوافز والتسهيلات للمستثمرين، ويستحضرني كلمة لمدير عام احدى الشركات المساهمة العامة عندما قال ان مصر خصصت لهم ارضا وفق نظام ( BOT ) لمدة 25 عاما بسعر المتر المربع / بجنيه مصري واحد، ومنح الشركة اعفاءات ضريبية تتراوح ما بين خمس الى سبع سنوات حسب الاستثمار، اما تونس فقد خصصت مساحات شاسعة على الشاطئ للمستثمرين باسعار رمزية واعفاءات جمركية وضريبية معتبرة.
ان المبالغة في فرض الضرائب قد تصل بنا الى القشة التي قصمت ظهر البعير، عندها تكون الخسارة اكبر بكثير من ايرادات اضافية، والاساس البحث في افضل السبل لاستقطاب المزيد من الاستثمارات، وتعميق الاقتصاد وزيادة المقبوضات الحكومية من جراء ذلك وليس معاقبة من اختار الاردن حاضنة دافئة لاستثماراته.