حمادة فراعنة/الإخوان المسلمون أمـــام خـيـاريـن

تصف حركة الإخوان المسلمين نفسها بأنها تنظيم مدني دعاوي يسعى نحو الحكم وتوعية الناس والوصول لمؤسسات صنع القرار عبر الوسائل المدنية وصناديق الاقتراع، وتؤمن بتداول السلطة، ومع ذلك فقد مارسوا الإرهاب والقتل أيام الملكية في مصر، رغم صلاتهم القوية بالقصر، ودعواتهم لإطالة عمر الملك أنذاك، وشكلوا التنظيم الخاص واغتالوا رئيسي الوزراء محمود النقراشي وأحمد ماهر، والقاضي أحمد الخازندار، وتحالفوا مع تنظيم الضباط الأحرار للقيام بثورة 23 تموز 1952، وكانوا جزءاً منه، وحينما اختلفوا مع عبد الناصر، اتهموه باختطاف الثورة وحاولوا اغتياله.

وفي سورية، قاموا بثورة وتمرد وعمليات مسلحة ضد نظام الرئيس حافظ الأسد في السبعينيات، وها هم يجددون المبادرة بالعمل المسلح لإسقاط نظام البعث والرئيس بشار الأسد، مخلفين وراء خيارهم الجهادي: تدمير سورية، وإضعاف جيشها واستنزافه، وتشريد الشعب السوري جراء الصراع المسلح بين طرفي النظام والمعارضة.

وفي قطاع غزة، حسم الإخوان المسلمون خلافاتهم مع حركة فتح بالعمل المسلح، بعد نجاحهم في الانتخابات التشريعية 2006، وفوزهم بالأغلبية التي منحتهم إدارة المجلس التشريعي برئاسة عزيز الدويك والحكومة برئاسة إسماعيل هنية، ولكنهم لم يكتفوا بذلك فقاموا بالانقلاب في حزيران 2007، وسيطروا منفردين على قطاع غزة وما زالوا.

وعلى الرغم من انتهاء ولاية الرئيس المنتخب محمود عباس وانتهاء ولاية المجلس التشريعي المنتخب، فهم يرفضون الاحتكام مرة أخرى إلى صناديق الاقتراع لتجديد شرعية النظام السياسي الفلسطيني الذي هو في أمس الحاجة لتجديد شرعيته اعتماداً على صناديق الاقتراع لمواجهة العدو المتفوق الذي يجدد شرعية ودماء مؤسساته عبر صناديق الاقتراع، ولسان حالهم يقول لقد فازت حركة فتح بالأغلبية البرلمانية العام 1996، وبقيت عشر سنوات بلا انتخابات رئاسية أو تشريعية، ولنا أن نبقى عشر سنوات مثل ‘فتح’ حتى العام 2016 بدون انتخابات، وما الأذى في ذلك؟؟ وما المشكلة؟؟.

في العام 2011، وافق الإخوان المسلمون على مبادرة الجيش ورئيسه محمد حسين طنطاوي ورحبوا بتدخله وقراره لرئيسه حسني مبارك ‘روّح’ بناء على مظاهرات المصريين واحتجاجاتهم في الشوارع، وبناء على القرار الأميركي الذي رفع الغطاء عن شرعية الرئيس مبارك ودوره ومكانته، و’روّح’ وهذا يعني أن الذي أزاح مبارك وألغى شرعيته وأسقط نظامه هو: 1 – مظاهرات الشعب، 2 – قرار الجيش 3 – رفع الغطاء الدولي الأميركي الأوروبي، وهو ما حصل مع الرئيس محمد مرسي أيضاً، فالمظاهرات الشعبية بحجم غير مسبوق بالملايين المطالبة بإسقاط الرئيس والمرشد والإخوان، مع قرار الجيش ومبادرته، ولكنه يفتقد للعنصر الثالث وهو الغطاء الدولي الأميركي الأوروبي لأن الأميركيين والأوروبيين متفاهمون مع الإخوان المسلمين، وقد سعت السفيرة الأميركية وتدخلت وتوسطت بين الجيش من طرف والرئيس محمد مرسي والإخوان المسلمين من طرف آخر لمنع تفاقم الأزمة بينهما، وحاولت التوصل إلى تفاهم يقوم على 1- التعجيل في إجراء انتخابات رئاسية مبكرة، و2 – تجميد قرارات الرئيس التي تمنحه الحصانة وتحد من أخونة مؤسسات الدولة، 3 – مقابل عدم قيام الجيش بحركة تُطيح بالرئيس المنتخب، ولكن السفيرة فشلت في مسعاها، وانفجرت الأزمة مبكرة بدون أن تتوافر للجيش فرصة قبول الأميركيين للتغيير والانقلاب على الرئيس، كما سبق وحصل مع الرئيس مبارك.

حركة الإخوان المسلمين أمام مفترق طرق، إما أن يركبوا رؤوسهم ويواصلوا ‘الجهاد’ من أجل إعادة رئيسهم الشرعي المنتخب والمخلوع، وإما أن يصلوا إلى تفاهم واتفاق ويقبلوا دفع ثمن سوء تقديرهم واستعجالهم بـ’أخونة’ مؤسسات الدولة، وهيمنتهم وتسلطهم على الشعب المصري كما فعل رفاقهم، ويفعلون في قطاع غزة.

Related posts

سكوت ريتر: لماذا لم أعد أقف مع إسرائيل؟ ولن أقف معها مرة أخرى

ماذا لو فاز ترمب … وماذا لو فازت هاريس؟* هاني المصري

الأمم المتحدة…لنظام عالمي جديد ؟* د فوزي علي السمهوري