وصفت هدى جمال عبد الناصر ، مبادرة الجيش المصري ، وإستجابته لمطالب المحتجين وإعتصاماتهم في ميدان التحرير على أنه « لعب دور المخلص « وأن « ما حصل بعد ثورة 30 يونيو ، لم يكن إنقلاباً عسكرياً ، كما تردد أميركا وبريطانيا الداعمتان لحكم الإخوان المسلمين « وأن « الجيش المصري تحرك إستجابة لمطالب الناس الذين خرجوا بالملايين إحتجاجاً على إجراءات مرسي وقرارات المرشد « ووصفت إبنة الزعيم الراحل ، الموقف الأميركي على أنه كان متوقعاً « لأن الإدارة الأميركية حريصة على مصالحها في مصر والعالم العربي ، مثلما هي حريصة على مصلحة إسرائيل وأمنها ، وهو ما تحقق بإمتياز تحت مظلة حكم الإخوان المسلمين والرئيس مرسي « كما قالت أستاذة العلوم السياسية في جامعة القاهرة حرفياً .
ما قالته هدى عبد الناصر ، يعكس الوجع الذي أصاب المجتمع المصري من فترة حكم مرسي المحدودة ، وإدارة الإخوان المسلمين للدولة ، ونجاح مرشحهم للرئاسة ، في محاولات الأستفراد والهيمنة على مؤسسات الدولة والعمل على أخونتها ، مما يعكس إستعجالهم وتلهفهم للسلطة بعد رحلة طويلة من العمل الشاق والتضحيات الكبيرة التي قدموها على طريق الوصول إلى السلطة في مصر ، وقطاع غزة ، ولحقتهم تونس والمغرب ، بشكل أو بأخر حيث لم توفر لهم نتائج صناديق الإقتراع وإفرازاتها الأغلبية التي تسمح لهم بالإستفراد والأخونة .
خصومة الإخوان المسلمين للتيارين القومي واليساري بدأ مع عبد الناصر وتواصل مع حافظ الأسد وتوج مع صدام حسين وضد منظمة التحرير الفلسطينية ، ومر في اليمن الجنوبي قبل الوحدة ، شواهد هذه الخصومة المرة تجري تعبيراتها في شوارع المدن السورية ، عبر تفجير السيارات المفخخة والقصف العشوائي للأحياء المدنية ، والتصدي للبعثيين في العراق وها هي تتفجر في شوارع القاهرة والمدن المصرية ، رغم إنحياز أغلبية المصريين لثورة يونيو ضدهم .
الرئيس مرسي وصل إلى الحكم عبر صناديق الإقتراع ، بعد الثورة التي أطاحت بالرئيس مبارك الذي لم يشكك أحد بشرعيته بما فيهم المرشد العام الذي سبق وأعلن موافقته على التوريث لجمال مبارك ، وتفاقم الأوضاع الأقتصادية والسياسية والإجتماعية في عهده هي التي دفعت العوامل الثلاثة كي تكتمل وصولاً لإسقاطه يوم 25 يناير : 1- إحتجاجات الشعب و 2- قرار الجيش و 3- رفع الغطاء الدولي عنه ، فسقوط مبارك لم يتم لأنه كان فاقداً للشرعية بل لسوء إدارته لمؤسسات الدولة ، ومحمد مرسي لم تتم إزاحته لأنه فاقد للشرعية بل بسبب إستعجاله وسوء إدارته وتصادمه مع مؤسسات الدولة بعد محاولاته فكفكتها وإعادة هيكلتها لصالح الإخوان المسلمين وخروج الملايين ضده ، وما حصل لمبارك حصل لمرسي ، حيث تكامل إحتجاجات العامل الشعبي ، مع موقف الجيش وقراره ، والخلل القائم يتمثل بالعامل الثالث وهو القرار الدولي المرتبط بواشنطن التي لم تعلن بعد موافقتها على نتائج ثورة يونيو بسبب تفاهماتها مع الإخوان المسلمين وهنا العقدة التي تحتاج لحل .
h.faraneh@yahoo.com