د.بسام العموش/سقوط الديمقراطية بإسقاط مرسي

ليست المشكلة في الذين لا يؤمنون بالديمقراطية فحسب، بل في الذين يخطُبون عنها ويتغزلون بها ثم ينقلبون عليها إذا لم يعجبهم الحال!! أقول هذا وأنا أرى المؤامرة على الثورة المصرية التي جلبت مرسي لسدة الحكم، فمرسي هو أول رئيس مصري منتخب على الإطلاق في التاريخ المصري القديم والحديث، فلا أحد يتحدث عن مجيء فرعون ولا الهكسوس ولا المماليك ولا العثمانيين بطريقة ديمقراطية ، ولا عهد فاروق ولا ناصر ولا السادات ولا مبارك، فهؤلاء الثلاثة كلهم عسكر جاؤوا بانقلاب 23 يوليو، ثم توارثوا الأمر وفقاً للرتب العسكرية، وحتى عمرو بن العاص إنما كان والياً معيناً ولم ينتخبه الشعب المصري. نعم محمد مرسي لم ينتخبه كل المصريين ، فليس رئيس إجماع لكنه الرئيس الذي انتخبته الأكثرية، وهو ليس رئيساً بدعم عائلي ولا شلة اقتصادية منتفعة بل له حزب وتيار ومواطنون مصريون غالبيتهم من الفقراء والمفكرين والعلماء. أياً كان الأمر فلا بد أن نتفق على أن الشارع المصري الآن منقسم، فحتى لو تنازل مرسي طوعاً أو كرهاً فما هي الضمانة للرئيس الجديد أن لا يقف له أناس في الميادين ويطالبونه بالتنحي؟؟!! هل هذا هو الأسلوب العلمي والحضاري والمنطقي؟؟!! هل الديمقراطية تقول ذلك؟ أم أن من جاء عبر الصناديق لا بد أن يبقى حتى تذهبه الصناديق ؟؟!! هذا ما نعرفه عن الديمقراطية. أما الديمقراطية التي يدعيها البرادعي وعمرو موسى وغيرهما فهي ديمقراطية الاستقواء بالأجنبي الذي لا يريد لمصر أمناً ولا استقراراً . وكيف للبرادعي أن يدعي الديمقراطية وقد كان راعياً لقمع كل من يريد أن يمتلك النووي في المنطقة باستثناء “إسرائيل”؟! وكيف للبرادعي أن يطمع بحكم مصر وهو الذي كان يتلقى الأوامر من أسياده الذين يتآمرون اليوم على مصر وديمقراطيتها؟! كيف لمرسي وخلال سنة أن يزيل ما راكمته العهود السابقة من مديونية وفساد وارتهان للأجنبي؟؟!! كيف لمرسي أن يحل مشكلة الفقر والبطالة لتسعين مليون مصري وخلال عام واحد؟! كيف لمرسي أن ينجز طموحات الجيل الشاب، والتآمر عليه لم يتوقف ومن ذلك المؤامرة على نهر النيل ؟؟!! كيف لمرسي أن يعمل وهم يحرضون عليه؟؟!! ليعلم الجميع أن إسقاط مرسي بانقلاب عسكري أو تحريض للبسطاء بالمال وغيره للعصيان المدني سيدخل مصر نفقاً لن تخرج منه ببساطة، فهذا التيار الإسلامي المناصر لمرسي لا ينطوي كله تحت راية الإخوان المسلمين بل هو تيار متعدد الطرق والأدوات والأفهام، ومجيئهم للصناديق إنما كان بعد حوارات مطولة فقد كان الكثير منهم لا يرى سوى القوة وسيلة وأسلوباً، وأخشى ما أخشاه أن يعود هؤلاء ومعهم الكثير من الناس للتشدد والعنف بعد أن يكتشفوا أن الديمقراطية ما هي إلا أداة تخدير يقبل بها خصوم التيار الإسلامي إذا كانت النتيجة لصالحهم، أما إذا كانت الصناديق لصالح الإسلاميين فالشارع هو الحل!! تماماً كما حصل في الجزائر، وكلنا يتذكر كم خسرت الجزائر من أرواح أبنائها ومقدراتها وأمنها بسبب الانقلاب على نتائج الصناديق. إنني في مقالة اليوم والمقالة التي قبلها لا أتحدث لنصرة حزب أو جماعة أو تيار، بل جل همي أن لا تقع مصر في المحظور ، فمحمد مرسي وجماعته يخطؤون ويصيبون، دعوهم لإكمال فترتهم ومن ثم يقيم المراقبون الأداء وبعدها نذهب للصناديق مرة أخرى ، وبهذا نرسخ الطريقة الراقية لتولي السلطة وتغييرها بعيدا عن الاستقواء بالمال السياسي والارتهان للأجنبي، فمصر مثال يمكن القياس عليه سلباً وإيجاباً، فليضرب المصريون لنا المثال الإيجابي كي ننشىء جيلاً يسير بالأمة نحو التقدم والرقي بعيداً عن الدبابات والعمالة والبلطجة والخطابات الفارغة التي لم تسمن ولم تغن من جوع.

b.alomosh@alarabalyawm.net

Related posts

سكوت ريتر: لماذا لم أعد أقف مع إسرائيل؟ ولن أقف معها مرة أخرى

ماذا لو فاز ترمب … وماذا لو فازت هاريس؟* هاني المصري

الأمم المتحدة…لنظام عالمي جديد ؟* د فوزي علي السمهوري