انطباعات عن رحلة إلى قبرص

عروبة الإخباري –سلطان الحطاب – زرت قبرص أكثر من مرة بل خمس مرات وقد كنت حاولت قبل عام 2003 أن أعبر إلى الشطر الآخر من قبرص وهو القسم التركي إلا أن ذلك كان ممنوعاً ووقفت على الحدود ونظرت كما الآخرين من ثقب جدار يقف عليه جنود إلى ما سمعت أن الجنة هناك!!

ظل الفضول يسحبني لمواصلة المحاولة رغم أن كثير من زاروا هذا الجزء عن طريق تركيا بالنزول في مطار اسطنبول ثم التوجه إلى “كارينا” عاصمة ذلك الجزء بالطائرة.

في السنوات الأخيرة فتحت بين القبرصيتين (اليونانية والتركية) ثلاث معابر منها معبر رئيس يمر منه السياح الراغبون في الوصول إلى الجزء التركي الذي لا تزيد مساحته عن 3500 كم² وعدد سكانه عن 225 ألف نسمة ..

قبل حوالي ثلاث سنوات وفي ظل حكومة أوردغان التركية التي تدير هذا الجزء من قبرص وتلحقه باقتصادها اذ لم تعترف به أي دولة سوى تركيا وجمهورية ناخيتشيفان ذات الحكم الذاتي في أذربيجان وتدار جمهورية شمال قبرص من رئيس منتخب هو الآن درويش أورغلو.

الأتراك في اسطنبول ومن خلال حكومة أوردغان ومن قبل غول قرروا نقل مراكز سياحية وترفيهية أبرزها صالات القمار والكازينوات التي أفرغت تركيا منها إلى هذا الجزء من قبرص وقد جاء في الاحصائيات وجود أكثر من (46) كازينو وأكثر من (200) مركز ترفيهي في مستويات مختلفة عدى العديد من فنادق الخمس نجوم الفارهة والمنتجعات الواسعة المنتشرة على طول شواطيء شمال قبرص كما جرى احداث تسهيلات  كبيرة في بيع العقارات سواء على شكل أراضي أو بيوت للمستثمرين الذين يجدون فيها أسعاراً رخيصة ومنافسة وبالتالي أصبحت جمهورية شمال قبرص مقصداً سياحياً لعديد من دول الشرق الأوسط.

ما يستوقف المستثمرون هو عدم الاعتراف بهذا الجزء من قبرص دولياً وعدم المعرفة إلى ماذا سيؤل اليه الوضع مستقبلاً..هل سيكرس الانقسام؟ هل ستتوحد قبرص؟ هل ستكون عضويتها في الاتحاد الأوروبي مدخلاً لذلك؟ هل تستعملها تركيا كورقة من أجل ذلك؟ أسئلة عديدة تدور في الذهن أثناء عبور البوابة التي يجلس في أحد الأكشاك فيها شاب وشابة بملابس مدنية لا يتحدثون إلا التركية ينظرون في جواز السفر ولا يختمونه وانما يناولون العابرين ورقة بالتركية يضعون عليها ختماً وتاريخ يجري ابرازها عند العودة من نفس نقطة العبور في حين يقبع موظفون من الأمم المتحدة وقوات الطواريء الدولية خلف موقعهم..

السياحة النشطة في هذا الجزء من قبرص صنعت تنافساً شديداً دفع أصحاب المرافق السياحية من فنادق وغيرها أن يوصلوا خدماتهم في الاستقبال والنقل إلى مطار لارنكا عاصمة قبرص الاقتصادية للشطر اليوناني إذ لا تزيد المسافة بين لارنكا ونقطة العبور عن نصف ساعة حيث تمر السيارة من مدينة نقوسيا العاصمة القبرصية التي لا تبعد عن الحدود مع الشطر الآخر الا قليلاً فالمسافة بين نقوسيا والمطار في لارنكا هي (46) كم وتبقى المسافة بين نقطة العبور وكارينا عاصمة الجزء التركي من قبرص أقل من نصف ساعة..

حملتني السيارة التي انتظرتني وقد ارسلت من الفندق الذي حجزت فيه وهو فندق “رويال ميريت” والذي يقع في منتجع على شاطيء البحر وقد تزامن وصولي مع افتتاح هذا الجزء الكبير من الفندق جوار الفندق الآخر الذي يحمل نفس اسم (ميريت كريستال)..

لا أعتقد أن في قبرص أو حتى البحر المتوسط أوعموم أوروبا شاطئاً أجمل من ما رأيت أو مناظر من جبال عالية محيطة مكسوة بالأشجار أجمل مما شاهدت هنا في هذا المكان.

في الوصول شرح لي مدير العلاقات وهو لبناني أميركي سامي الكبيسي عن طبيعة المكان وشهرته وعن تدفق السياحة عليه بعد أن تراجعت الأسواق اللبنانية والمصرية بفعل الأحداث الدائرة في البلدين وحيث بدأت السياحة تتوجه إلى قبرص وتحديداً إلى هذا الجزء (التركي) وعلى وجه التحديد هذا الفندق الذي بالكاد تجد فيه مكاناً إذ يستلزم ذلك الحجز والانتظار..

ما رأيته من حسن خدمة ونظافة وتنوع في الطعام ومصداقية في التعامل أذهلني واعتقدت أن هذه التجربة التي رأيتها وعشتها لأربعة أيام جديرة بأن يكتب عنها وتنقل ونفس هذا الانطباع قدمه لي أحد من أقاموا في هذا المكان ممن التقيتهم حيث تتوفر كل عوامل استقطاب السياحة وخاصة العربية اذ يعمل في هذا المنتجع عرب أو متحدثون بالعربية..

بعد أن أنهيت رحلتي التي جالست فيها البحر على مدار أيامها أدركت لماذا يتدفق الأردنيون إلى قبرص حيث الأماكن الجميلة والخدمة المميزة والأسعار المنافسة التي لا تتوفر لهم حتى في بلدهم اكتب عن انطباعات شخصية لا اروج فيها لأي شركة اذ أنني لم أذهب من خلال جروب سياحي وانما بمفردي ويبقى على الآخرين أن يجربوا فالسياحة إدارة قبل كل شيء وهي سلعة لا بد من تصنيعها جيداً وتأكيد مكوناتها الاساسية لتكون منافسة..

 

 

Related posts

مختبر أورنج للابتكار ينطلق في جامعة مؤتة لدعم المشهد الرقمي والريادي في الكرك

جامعة ابن سينا للعلوم الطبية تنضم الى عالم البطاقات الذكية مع بنك القاهرة عمان

مبارك حسين الصلاح التخريج