عروبة الإخباري – أوضح جلالة الملك عبدالله الثاني في مقابلة اجرتها معه صحيفة الشرق الأوسط اللندنية مطلع الاسبوع الحالي رؤيته في العملية الإصلاحية وحرصه على مشاركة جميع قوى المجتمع في عملية الإصلاح المستمرة للوصول الى تحقيق الأهداف الوطنية كافة من خلالها .
واكد جلالته ان الكلمة الحاسمة في الوصول الى الاصلاح والديمقراطية هي للشعب ككل واننا نعمل بكل طاقاتنا من اجل توفير عناصر التحول الديمقراطي المتمثلة بمشاركة المواطنين ومختلف المؤسسات ومنظمات المجتمع المدني .
سياسيون واقتصاديون اكدوا لوكالة الانباء الاردنية (بترا ) ان رؤية جلالته هي خارطة طريق للمرحلة المقبلة وأهمها افساح المجال امام القوى السياسية والحزبية للمشاركة في العملية الإصلاحية بفعالية مشيرين الى أهمية ان تأخذ الأحزاب السياسية وأطياف المجتمع كافة دورها الصحيح في عملية الإصلاح السياسي برمتها اضافة الى اهمية تفعيل القوانين والتشريعات الناظمة لعملية النهوض الاقتصادي والاجتماعي التي من شأنها تشجيع وتسهيل الاستثمار في المملكة .
المفكر السياسي عدنان ابو عودة قال ان جلالة الملك كرر وللمرة الرابعة في جميع اوراقه النقاشية ولقاءاته التوجه نحو الديمقراطية التي تعمل على تعزيز دور الاحزاب والتأكيد على التعددية الحزبية والمواطنة الفاعلة التي تعتبر معززة للاصلاح الشامل .
وبين ان التعددية والاحزاب ذات البرامج هما اساس الاصلاح وعنوان المرحلة المقبلة والتي يعبر عنها الدستور مشيرا الى ان المواطنة العاملة تعني الرجوع الى اساس الدولة الحديثة في ان المواطنين متساوون لا تمييز بينهم ويقومون بالتزاماتهم تجاه الدولة , وتقوم الدولة ايضا بما عليها من حقوق وواجبات .
واوضح ابو عودة ان جلالته رأى ان الدولة القوية المنيعة في التعددية والمواطنة الفاعلة هي عامل رئيسي للنمو والاستمرار في عملية التنمية الشاملة والاصلاح السياسي .
امين عام الحزب الشيوعي الاردني منير حمارنة قال ان حديث جلالته حول الديمقراطية والمشاركة السياسية امر ايجابي وان الخروج من الازمات المتلاحقة التي تمر بها المملكة لا تتم الا بالديمقراطية التي تعتبر طريق الاصلاح وعمود الدولة المتقدمة .
واكد ضرورة اطلاق الحريات العامة وجعل المواطنين شركاء في اتخاذ القرارات السياسية والاجتماعية والاقتصادية , وهذا يتطلب اتخاذ العديد من الاجراءات كتعديل قانون الانتخاب ليكون قانونا انتخابيا ديمقراطيا معاصرا مشيرا الى ان البرلمان الحالي لم يفرز كتلا حزبية كونه غير مبني على قاعدة حزبية وكتل الامر الذي نتج عنه عدم تبني وجهات نظر وقرارات في العديد من القضايا وشكل عائقا امام المسيرة الديمقراطية .
واضاف حمارنة ان الاساس في الانتخابات البرلمانية او البلدية هي المشاركة في عملية الاقتراع وان الانتخابات ليست موقف تأييد او معارضة بل هي مشاركة في الراي وصنع القرار في مختلف القضايا مشيرا الى ان المقاطعة التي تحصل احيانا لا تحدث الا عند وجود قضايا ملحة لان الدور الحقيقي لبناء الديمقراطية هو الاحزاب كما في تجارب العديد من الدول المتقدمة في هذا المجال .
امين عام حزب التيار الوطني الدكتور صالح ارشيدات قال ان من اهم المحاور التي تطرق اليها جلالة الملك محور السياسة الداخلية والتنمية خاصة النهج الديمقراطي للوصول الى دولة مدنية تعددية ديمقراطية .
واضاف ان جلالته اكد ضرورة مشاركة الاحزاب ومؤسسات المجتمع المدني كقوى فاعلة لتحقيق التنمية الشاملة والاصلاح المنشود .
واشار الى الانجازات التي تمت والاصلاحات الدستورية على القوانين والانظمة وانشاء المحكمة الدستورية والهيئة المستقلة للانتخاب التي عملت على تحقيق جزء من العملية الاصلاحية .
وقال ان الديمقراطية تعزز بالمشاركة السياسية وتحمل مسؤولية اتخاذ القرار وتنفيذه وان على الجميع ان يجعل من الانتخابات البلدية المقبلة خطوة جديدة في العملية الديمقراطية من خلال الإقبال على صناديق الاقتراع لإفراز مجالس بلدية قادرة على ان تلعب دورها الحقيقي في خدمة الوطن والمواطن وان يعود للبلديات دورها في قيادة مجتمعاتها المحلية .
وبين ارشيدات ان المشاركة في العملية الديمقراطية تساعد في اتخاذ القرار لان الانتخابات تعتبر الخطوة الاولى نحو الاصلاح والتنمية الشاملة وتعتبر ايضا فرصة لجميع مؤسسات الدولة لانتقاء البرامج التنفيذية للسياسات التي اطلقها جلالته اكثر من مرة في العديد من المناسبات ومنها حديثه مع صحيفة الشرق الاوسط .
وراى ان جلالته وفي اكثر من ورقة نقاشية حدد ملامح التحول الديمقراطي وكان يقول ان الاحزاب غير قادرة على تشكيل الاغلبية ويدعو دائما الى ان تسهم في تطوير نفسها والعمل من اجل بناء بيئة ديمقراطية للاحزاب.
واشار الدكتور ارشيدات الى ضرورة ان يكون هناك برنامج توعوي حول التحول الديمقراطي في المدارس والجامعات وان تصل رسالة جلالته الى جميع اطياف المجتمع ومؤسساته حول ثقافة التحول الديمقراطي .
وقال ان هذه المرحلة تتطلب قضايا تشريعية كقانون انتخاب عصري يوصل الاحزاب الى البرلمان كون الاحزاب الطرف الاكثر تحفزا بهذا الاتجاه اضافة الى ضرورة تبني مؤسسات المجتمع المدني آلية واضحة ومحاور مبينة على اهداف تحقق المصلحة العامة ضمن الرؤى الملكية .
الخبير الاقتصادي زّيان زوانة قال ان حديث جلالته حول النهج الاجتماعي والاقتصادي يعتبر مفاصل اساسية في الاستراتيجية الاردنية الاقتصادية مشيرا الى ان النهج الحكومي في تنفيذها يكاد يكون بطيئا .
وارجع زوانة هذا التباطؤ الى عدم وجود خطط عمل مرتبطة ببرامج زمنية محددة وخطوات اساسية ومرحلية لتحقيقها مشيرا الى ان قانون الاستثمار لا يزال يراوح مكانه منذ اكثر من ثماني سنوات اضافة الى قانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص.
وبين ان الاستراتيجيات التي تحدث عنها جلالته هي محطات لا بد من تفعيلها وعلى جميع المؤسسات والمعنيين ان تتضافر جهودها لتحقيقها .
وقال زوانة ان صندوق تنمية المحافظات الذي طرحه جلالته منذ العام 2011 لا زال يسير ببطء شديد مشيرا الى ان التنمية لا تتحقق اذا لم تنتقل وفق اسس وقواعد واحكام سليمة الى المحافظات.
واشار الى ان مشروع تنمية المحافظات لم يستند الى آلية عمل فاعلة تعتمد على حاجات ومتطلبات المواطن ودمجه بشكل منهجي في عملية اتخاذ القرار للوصول الى خطط وبرامج مبينا ان التنمية الاقتصادية تحتاج ايضا الى خبراء تنمية اقتصاديين للوصول الى افضل النتائج .
واوضح ان المنحة الخليجية وحتى هذه اللحظة لم تفعل بها الحكومة أي شيء رغم تخصيص المبالغ للمشروعات الاقتصادية ووجود العديد من المؤسسات الناظمة للعمل الاقتصادي والشراكة مع القطاع العام ,اذ انه لا يوجد لدى الحكومة مشروعات لاستغلالها وتعتبر هذه الاموال مجمدة .
واكد زوانة ضرورة تواصل الحكومة مع الفعاليات الاقتصادية والمحلية لتنمية المجتمع والمبنية على قرار المشاركة والمزايا النسبية لهذه المناطق المستفيدة من تلك المشروعات .
المحلل والخبير الاقتصادي الدكتور مازن مرجي قال ان حديث جلالة الملك وكتب التكليف السامية للحكومات المتعاقبة تؤكد دائما على الجانب الاقتصادي المهم الذي يعمل على تطوير المجتمع وتقدمه وتوفير فرص العمل للمواطنين مشيرا الى ان جلالته وضع العديد من المشروعات والخطط لحل المشكلات التي تعاني منها المملكة وتنعكس اثارها على التنمية المجتمعية .
واشار الى ان تشجيع الاستثمار وجذب الاستثمارات الاجنبية تراجعت خلال السنوات الخمس الماضية وجاء حديث جلالته ليؤكد ضرورة واهمية هذا الجانب كونه المورد الاساسي لرؤوس الاموال وايجاد فرص العمل وتحقيق التنمية الاقتصادية .
وقال ان جلالته وفي خطابه الاخير بجامعة مؤته اكد اهمية تكافؤ الفرص للخروج بالاردن من الواقع الاقتصادي المتباطىء بسبب التضخم الى مرحلة جديدة .
وبين ان الشراكة بين القطاعين العام والخاص موجودة منذ زمن مشيرا الى ان جلالته وفي حديثه هذا وجه الحكومة لتنميتها والعمل على تنفيذ المشروعات الهادفة الى توفير البيئة الاقتصادية المشجعة على الاستثمار وتوفير فرص العمل لافتا الى ان الحكومة وضمن قطاعها العام غير قادرة على توفير فرص العمل بسبب محدوديتها الا بالشراكة مع القطاع الخاص .
وقال ان صندوق تنمية المحافظات اداة مهمة للمجتمع المحلي وان المشروعات يجب ان تتلمس احتياجات المواطنين والقرى والارياف مشيرا الى ضرورة اعادة النظر في دمج البلديات التي اصبحت عاجزة عن اداء دورها بفاعلية وضرورة ان تمارس عملها الديمقراطي .
واضاف ان المنحة الخليجية البالغة خمسة مليارات دولار خلال الخمس سنوات الماضية لم تستغل وما زالت مجمدة بسبب عدم طرح الحكومة لمشروعات لان شرط المنحة ان تكون ضمن نفقات رأسمالية تنموية .
واوضح مرجي ان جلالته اكد ضرورة تفعيل دور الحكومة بطرح البرامج واوجه الانفاق الراسمالي الذي يعمل على تحقيق التنمية بجميع جوانبها .