محمد صالح المسفر/وترجل الفارس بعد أن ملأ الدنيا ضجيجاً

انشغلت وسائل الاعلام العربي والدولي بخبر إرادة سمو الأمير الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني أمير دولة قطر وعزمه تسليم الراية والقيادة لولي عهده سمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، كما انشغلت وسائل الاعلام الاجتماعي بذات الشغل إلا أن بعض تلك الوسائل انحرفت نحو تبني منهج الشائعة الكاذبة والتضليل للأسباب والمسببات التي ادت بسمو الأمير الشيخ حمد عن ترجلة عن صهوة القيادة.

لقد ذكر سموه في خطاب عام ومتلفز عندما تولى القيادة عام 1995 بانه لم يكن يسعى لتولي القيادة في البلاد، ولكن لظروف يعلمها اهل قطر جعلت سموه يتولى القيادة، وكان قد قطع على نفسه عهدا بان مهمته تتحدد في الارتقاء بمستوى دولة قطر وجعلها في مصاف الدول، والنهوض بمستوى المجتمع القطري علما وثقافة ومكانة دولية وقد حقق سموه ذلك الوعد.

لا اقدم كشف حساب عن انجازات الفارس المترجل ولكني اقول لقد احدث سابقة في التاريخ العربي المعاصر لم يسبقه ملك او امير او سلطان او رئيس بان يسلم القيادة لولي عهده او نائبه الا بالقوة او الموت، ان سموه نقل السلطة لجيل الشباب وهو في كامل قوته البدنية والصحية، انها دعوة لكل القادة العرب بان يكفوا الاعتقاد بان من حقهم ملاقاة ربهم وهم على هرم السلطة.

لقد احدث ثورة اجتماعية لا سابق لها في تاريخ الخليج العربي، تمثلت تلك الثورة في بروز دور المرأة الخليجية في كل مناحي الحياه الاجتماعية والسياسية والاقتصادية، نهضة تعليمية ما برحت تتصاعد وتيرتها، دخلت قطر في عهد سموه في دائرة الضوء العالمي، صغيرة قطر في حجمها لكنها فاقت وتخطت في اداء دور دول اكبر منها حجما وسكانا، لان تلك الدول تقاعست عن اداء الدور او الادوار التي كان عليها ان تؤديه، ليس ذلك السبب الوحيد وانما السبب الجوهري هو امتلاك الارادة السياسية والقدرة على اتخاذ القرار دون تردد الى جانب الايمان المطلق بان امتنا العربية قادرة على صنع التاريخ الايجابي. قطر تسابق الدول المتقدمة في معراج التنمية وبحكم المقاييس المتبعة فان قطر تصنف اليوم في عهد سموه في عداد الدول المتقدمة. لقد اتجهت قطر بقيادة الامير حمد بن خليفة الى تحقيق تأمين الغذاء لشعب قطر والمقيمين على صعيدها عن طريق الاستثمار في مجال الزراعة، فحولت اراضي شاسعة في السودان الى مزارع انتاجية للحبوب واللحوم والدواجن ليس في السودان وحدة وانما في دول اخرى عربية وغير عربية.. في مجال التعليم استقدمت امهات الجامعات العالمية لتأسيس فروع لها في قطر اي انها اتت بالعلم والعلماء الى قطر ليستفيد المجتمع القطري والخليجي والعربي من تلك الميزة بدلا من ارتحال ابنائهم الى خارج الوطن العربي، ولقد خصصت اموالا طائلة للبحث العلمي واسست منتدى للعلماء العرب المهاجرين، وتشجيع من يرغب منهم في العودة الى الوطن العربي وتقديم كل التسهيلات لاستعادتهم والتكفل برعاية ابحاثهم ودراساتهم في كل حقول المعرفة. لم تكن الرياضة بعيدة عن نظرة سمو الأمير كأداة من ادوات السياسة، فقد عمل بكل جهده على ان تعقد مباريات كأس العالم لكرة القدم عام 2022 في قطر وهي سابقة تاريخية لم تنل شرف تنظيم تلك الفعالية العالمية دول عربية اكبر مساحة واكثر سكانا ومالا رغم المحاولات. ان الرياضة اليوم اصبحت صناعة وليست تسلية واصبحت مسيسة وهكذا قطر دخلت منافسة لدول اكبر مكانة وخبرة في مجال الرياضة وانتصرت دبلوماسية الرياضة القطرية على دبلوماسية ماعداها في هذا المجال.

سيقول الحاقدون والكارهون للدبلوماسية القطرية الكثير عن ترجل الفارس وتسليم الراية لشبله للامير تميم بن حمد ما لا يقال وما لا يصدق، وقد سبق ان قالوا الكثير من الاكاذيب عندما كان خبر تسليم القيادة للجيل الشاب شائعة اما وقد اصبح حقيقة فانهم سيقولون الكثير، ولكن اذا صدق العاقل بما سيقال من سلبيات وشائعات فلا عقل له. اريد ان اذكر اولئك الذين يقولون ان تسليم الشيخ حمد بن خليفة القيادة لسمو الامير تميم هو نتيجة ضغوط امريكية، الكل يعلم ان سمو الامير حمد بن خليفة حفظه الله تعرض لتهديدات كبيرة من قبل الرئيس كلينتون ومن بعده بوش الابن بسبب الجزيرة واذاعتها اشرطة بن لادن وتغطية اخبار الجرائم العسكرية الامريكية والبريطانية في افغانستان وكذلك ابان العدوان على العراق الشقيق ولم يرضخ لتلك التهديدات، الامر الذي لم يقم بوش الابن بزيارة قطر علما بانه زار كل دول مجلس التعاون الا دولة قطر. الا تذكرون تهديد الرئيس السابق بوش الابن ورئيس وزراء بريطانيا توني بلير عندما هددوا بقصف محطة الجزيرة ولم يرضخ سموه لاي تهديد من اي طرف كان.

آخر القول: قولوا ما شئتم، فالقافلة تسير وتأكدوا بان المواقف ثابتة والايمان بحب الوطن والعروبة ونصرة المظلومين عميق وصادق عند حكامنا الميامين. وتأكدوا بان هذا الشبل من ذاك الاسد.

أضف إلى:

Related posts

اللي استحوا ماتوا* فارعة السقاف

تجربة النضال الفلسطيني: خصوصية مقاومة تقاوم التعميم* هاني ابو عمرة

كلفة الحرب على الاقتصاد الإسرائيلي* جواد العناني