على مدار ثلاث ساعات تحدث الدكتور عبدالله النسور رئيس الوزراء في مجموعة من العاملين في وسائل الاعلام المرئية والمسموعة وقد كنت استمعت اليه وناقشت وتلقى الرئيس أسئلة صعبة ولكنه كان يقدم الحجة والدليل ويخرج من الكم الهائل من الأسئلة الافتراضية أو القائمة على الاشاعة أو التي تستهدف التحريض أو استثمار مراكز القوى..كان هادئاً ومجاملاً في أحيان كثيرة وحاسم في أحيان أخرى..قدم الواقع الأردني من أكثر من منظور وصوّب الكثير من المعطيات وفاجأنا بأننا لم نتلق في العام 2012 من المساعدات سوى (18) مليون دولار وصلت بالخطأ من دولة شقيقة وأن احتياطنا من العملات الصعبة في البنك المركزي هبطت من (22)مليار دولار إلى (5) ملياردولار وأنه لولا مساعدات الدول الشقيقة وعلى رأسها الامارات العربية (1.5) مليار والسعودية (500) مليون والكويت (500) مليون وقطر (لا شيء) ومساعدات أوروبية وأمريكية زادت عن المعتاد كل ذلك دفع باتجاه مساحة أوسع وأريح مؤكداً أن الوضع الآن أفضل ومع ذلك فإن آخر العلاج هو الكي في موضوع الكهرباء وأن لا بدائل سوى إعادة النظر في التسعيرة دون أن يمس ذلك من يستهلكون ما قيمته أقل من خمسين دينارا ومن زاد عن ذلك فزيادة عليه بـ 15% فقط وهذا بداية العام القادم..ولذا فإنه لا داعي في رأيه وحتى في رأيي الذي بنيته على معلومات حقيقية لهذا التحشيد والتضخيم في هذه العملية التي سيكون نفعها على البلد وسمعته وأهليته للتعامل مع البنوك الدولية وحتى الصناديق العربية كبيراً بعد أن اغلقت البنوك والصناديق أبوابها أمام حكوماتنا إلى أن نجري تمرين الرشاقة والتأهيل في ضغط عجز الموازنة ووقف النزيف الأكبر الذي تشكله الطاقة وخاصة الكهرباء التي تبتلع الكثير..
الأردنيون حين يحتجون فإنهم لا يخافون وربما سبب سكوتهم أو احتجاجاتهم الحضارية هو لحرصهم على وطنهم وعدم تعكير مياهه حتى لا يصطاد من يريد التربص بهذا الوطن أو يريد بأهله سوءاً..
الجهاز الاداري البيروقراطي للدولة بحاجة إلى إعادة بناء والمسؤول الأردني أصبح خائفاً ومرعوباً ومضطرباً ومتردداً في اتخاذ القرار وعلى مستويات مختلفة حتى لا يعاب بالفساد أو يجري ابتزازه أو تهديده عبر بعض وسائل الاعلام التي لا تستشعر المسؤولية ولذا ظل المسؤول يتهرب من واجبه لا يتخذ قراراً ولا يطرح بديلاً ويكتفي بعد الأيام وظلت قربة الاقتصاد الوطني مخزوقة لمزيد من الانفاق والمشاريع غير المخططة أو التي جمد تنفيذها ولم تستطع حكومات أن تقوم باستثمارات رأسمالية لتوفير فرص عمل لاسباب عديدة حتى مع توفر المال فلم يرصد لعام 2012 سوى (200) مليون دينار للاستثمار الذي ظل معطلاً في حين اننا في عام 2013 نجد أننا أمام امكانية انفاق (1200) مليون في استثمارات رأسمالية وطنية يجري تمويلها باشتراطات كان لا بد من تلبيتها سواء لصناديق التنمية العربية الخليجية أو لهذه الدول الشقيقة التي اشترطت تحديد أولويات الصرف والانفاق وتسميتها وتسليم مشاريع مدروسة حتى وإن كانت أولية تتوفر فيها مرونة التحريك..
إذن المخرج من أزمتنا الاقتصادية هو المزيد من الاستثمار ولكن الاستثمار يحتاج إلى بيئة مناسبة وإلى تشريعات واضحة وحماية للمستثمرين وجذب متواصل لهم، فهل نقوم بذلك؟ وإذا قمنا هل نحمي هذه الجهات الاستثمارية من الابتزاز ومن التشويه واغتيال الشخصية؟ وكيف تكون هذه الحماية؟ بتطبيق القانون أم نستمر صامتين ليكون حرثنا مثل حرث الجمال؟..وإذا كان الدكتور عبدالله النسور يشتكي كما نشكو ويناشد كما نناشد فهل نستمر في هذه الحلقة أم أن الله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن وأن على الحكومة أن تدافع عن الاستثمار بالمعلومة وبالشفافية وأن لا تتهرب أو تتذرع وعليها تطبيق القوانين وأن يتحرك النائب العام تلقائياً حين يثبت له كذب الإدعاء أو الدس لهدم المشاريع الاقتصادية وتطفيش أهلها سواء بقصد أو تخطيط أو بغير قصد يجب أن تنهي مرحلة الوعظ والمناشدة إلى مرحلة ملاحقة المفسدين من الذين يعملون على ثقب السفينة يومياً وقد كانت الحكومات ترى ولا تفعل وتترك مساحات واسعة للتشكيك وزرع الاشاعات..هل تنتهي هذه المرحلة ومتى؟
alhattabsultan@gmail.com