سؤال يتردد داخل كل بيت في مصر هذه الأيام هو: ماذا سوف يحدث يوم الـ30 من يونيو الجاري؟ .. هل سيمر مثله مثل المليونيات التي جرت عقب سقوط نظام الرئيس السابق حسني مبارك والتي اعتاد عليها المصريون أغلب أيام الجمع لتنتفض في النهاية على أقصى تقدير بعد وقوع مشادات ومصادمات طفيفة تسفر عن المزيد من الإصابات والقليل من القتلى، لتستيقظ مصر على يوم جديد ليس فيه أي جديد سوى تعميق الانقسامات والخلافات؟! .. أم أن الـ30 من يونيو سيكون يوما مختلفا لم تشهده مصر منذ الـ11 من فبراير العام 2011 يوم أن أعلن مبارك تخليه عن مهام منصبه تحت ضغوط شعبية ودولية؟!.. فهل يفعلها الرئيس محمد مرسي ويتنحى عن الحكم تحت الضغوط الشعبية فقط؟!
لقد أعلنت قطاعات عريضة من الشعب المصري النزول إلى الشوارع والميادين والتوجه إلى قصر الاتحادية، حيث المقر الرئاسي، لسحب الثقة من الرئيس محمد مرسي بمناسبة مرور عام من الفشل منذ توليه مهام منصبه لم يحقق خلاله إنجازا واحدا، بل زادت مشاكل وهموم المصريين المعيشية، والأخطر من كل هذا أن الأمن القومي المصري بات مهددا في ظل حكم جماعة الإخوان المسلمين .. ولذلك وضعت اللجنة التنسيقية لمظاهرات الـ30 من يونيو خطة للتحرك ومحاصرة قصر الاتحادية الرئاسي، والاحتشاد في شوارع وميادين مصر طوال 6 أيام، لإسقاط الرئيس مرسي حيث دعت اللجنة الشعب المصري إلى الاعتصام في الطرق الرئيسية والمؤثرة في جميع المحافظات ومحطات السكة الحديد لمدة 6 أيام حتى يرحل النظام، وأصدرت اللجنة بيانا سمته “خارطة الطريق” أكدت فيه مطلبها بانتقال السلطة إلى رئيس المحكمة الدستورية العليا، وتشكيل حكومة تسيير أعمال مصغرة، وألا يترشح أي عضو بهذه الحكومة في أول انتخابات رئاسية أو نيابية تالية!!
من جهتها طرحت جبهة الإنقاذ الوطني التي تمثل المعارضة الرئيسية في مصر بديلين لإدارة مصر بعد الـ30 من يونيو وكأنها باتت على يقين من سقوط النظام الحالي .. البديل الأول هو تشكيل مجلس رئاسي مدني من 5 شخصيات بينهم رئيس المحكمة الدستورية، وأحد القيادات العسكرية، و3 من التيارات السياسية “الليبرالية واليسارية والإسلامية”، على أن يشكل هذا المجلس حكومة من التكنوقراط بعيدا عن الأحزاب السياسية ليتولي المجلس إدارة الدولة لمدة 6 أشهر يتم بعدها إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية، على ألا يترشح أي عضو في هذا المجلس فيها .. أما البديل الثاني فهو تولي رئيس المحكمة الدستورية إدارة شؤون الدولة مدة 6 أشهر يشكل خلالها حكومة تكنوقراط يرأسها رئيس وزراء مشهود له بالكفاءة، وعقب انتهاء المدة يتم إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية!!
ومن الواضح أن المعارضة في مصر تستمد قوتها من حملة “تمرد” التي تجوب المحافظات لحث المواطنين على توقيع استمارات سحب الثقة من الرئيس محمد مرسي والتي من المتوقع أن تجمع 15 مليون توقيع؛ أي ما يزيد عن عدد الأصوات التي فاز بها “مرسي” في الانتخابات الرئاسية، مستغلة في ذلك حالة الاحتقان التي تسود الشارع المصري من حكم الإخوان لدرجة أن هناك أعضاء من جماعة الإخوان قاموا بالتوقيع على استمارة “تمرد”، فيما انقلب الكثير من مؤيدي الجماعة والأحزاب الإسلامية الأخرى، وأعلنوا تمردهم أيضا بعد أن اكتشفوا زيف وعود الإخوان، فضلا عن الأوضاع المتدهورة التي تشهدها مصر في ظل حكمهم!!
في المقابل بات من الواضح حالة القلق والخوف التي تسيطر على جماعة الإخوان تحسبا لما ستسفر عنه مظاهرات الـ30 من يونيو، وظهر ذلك جليا في حدثين .. الأول في اللقاء الذي جمع المهندس خيرت الشاطر نائب مرشد الجماعة وعمرو موسى القيادي في جبهة الإنقاذ بمنزل أيمن نور مؤخرا والذي حاول الشاطر خلاله شق صفوف جبهة الإنقاذ قبل هذا اليوم الموعود .. أما الحدث الثاني فهو الحريق المتعمد الذي طال المقر الرئيسي لحملة “تمرد” بوسط البلد والذي تم إخماده بواسطة أعضاء الحملة والأهالي قبل أن يمتد إلى الاستمارات التي تحمل توقيعات المواطنين .. واتهمت الحملة في محضر رسمي جماعة الإخوان المسلمين وحزب الحرية والعدالة ذراعها السياسية بحرق المقر .. هذا فضلا عن الاعتداءات التي يتعرض لها أعضاء الحملة على يد أنصار جماعة الإخوان والأحزاب الإسلامية في العديد من المحافظات!!
ووسط هذا الفزع والخوف الإخواني من الـ30 من يونيو أعلنت حملة “تجرد” الموالية للرئيس مرسي الاعتصام أمام قصر الاتحادية اعتبارا من يوم الـ27 من يونيو الجاري لحماية الرئيس من مظاهرات القوى المعارضة، على أن يستمر الاعتصام حتى الاطمئنان من استقرار الدولة وحماية الشرعية .. وتضم حملة “تجرد” كافة الأحزاب الإسلامية، بينما أعلنت جماعة الإخوان المسلمين حالة التأهب في صفوفها رافعة شعار التحدي لمواجهة من يحاول المساس بشرعية الرئيس أو اقتحام مقرات الجماعة وحزبها السياسي .. ومن جهته قال القيادي الإخواني محمد البلتاجي إن الجماعة لديها خطط وتدابير لمواجهة يوم الـ30 من يونيو لن يفصح عنها الآن، لافتا إلى أن تلك الخطط والتدابير سيعرفها الجميع في هذا اليوم!!
المشهد الحالي يؤكد إذن أن جماعة الإخوان لن تترك الحكم هكذا بسهولة رغم حالتي السخط والغليان اللتين تسودان الشارع المصري .. فالرئيس مرسي لن يتنحى استجابة للضغوط الشعبية مثلما فعل الرئيس السابق حسني مبارك الذي ترك الحكم بمجرد ما علم أن المتظاهرين قرروا التوجه إلى قصر الاتحادية لإجباره على التنحي .. وأمام هذا الافتراض .. وأمام هذا العناد تبقى المواجهة شبه حتمية .. فالفريقان كل يتشبث بموقفه .. فالشعب يريد إسقاط النظام، بينما النظام متمسك بالسلطة .. مرة أخيرة .. هل يمر يوم الـ30 من يونيو مرور الكرام أم أنه يحمل جديدا هذه المرة لمصر والمصريين؟!
سامي حامد كاتب وصحفي مصري
Samyhamed65@yahoo.com