استمع الى غبطة البطريرك فؤاد الطوال القادم من القدس وهو يتحدث باسم الكنيسة الكاثوليكية اللاتينية في القدس حيث ينسحب تمثيله لها على فلسطين والأردن وقبرص وقد جاء يتحدث عن دور الاعلام العربي المسيحي..
ولأن البطريرك يقيم في القدس الشرقية وفي تفاصيلها القديمة ومن هناك ينطلق ليخدم كنيسته ورعاياه فإن الجرح الذي يحمله من أجل القدس التي ما زالت مصلوبة بالاحتلال وممزقة بمخططاته ومحاصرة بتوسعيته هذه القدس العربية تغيب الآن عن الاهتمام العربي حيث ينصرف العرب كأنظمة وتنظيمات إلى شؤون أخرى داخلية وإلى حالة من الارتباك والتعاطي مع قضايا الربيع العربي الذي لم يثمر بعد وقد يكون مروره على المنطقة مرور الريح العاتية التي تركت الأرض كعصف مأكول..
نحن بحاجة إلى الخطاب العربي المسيحي في مواجهة الصورة الظالمة عن العرب والمسلمين والتي بدأت تغطي مساحات من العالم في أعقاب احداث أيلول سبتمبر عام 2000 وقد كان الأردن من أوائل من بادروا لتوظيف هذا الخطاب دفاعاً عن الأمة وماضيها وحاضرها وشراكتها العالمية..
القدس الآن يزداد انتهاكها بالمصادرة وبناء الاستيطان وهدم بيوت المقدسيين وتهميشهم وشق الطرق الالتفافية وعزلها عن محيطها واحكام سور العزل العنصري عليها فماذا نحن فاعلون!
أمس الأول فقط أعاد رئيس الوزراء الاسرائيلي نتنياهو التأكيد بأن اسرائيل ماضية في استيطانها في الضفة الغربية والقدس وانها لن تتوقف وهذا يعني استمرار تهويد القدس واسرلتها في حين ما زالت الجهات العربية المعنية تضع عيونها برجاء على وصول المبعوث الأميركي كيري وزير الخارجية لتعاود الشكوى حيث لا تمتلك شيئاً غيرها..
في كلام البطريرك وأنا أستمع اليه مرارة وحسرة من واقع الاحتلال ومن طريقة التعامل حتى مع رجال الدين والتضييق في باب الخليل احد أبواب القدس وتحديد المرور منه بل والمنع ليظل فقط باب الاسباط والأبواب الجنوبية مفتوحة وهذا يعني توسيع دائرة الاحتلال حتى على مربع الأماكن المقدسة الاسلامية..
تنهض الكنيسة الآن بدور ولو محدود في التعليم للمقدسيين وفي استكمال بناء مستشفى ماريوسف الذي تبرع له الملك عبدالله الثاني وفي تثبيت المقدسيين في بيوتهم بعد أن هدمت لاستبدالها ببيوت أخرى، فالهامش الذي تتحرك فيه الكنيسة لخدمة المقدسيين أوسع من الهوامش التي لا تعطى لغيرها ولذا فإن بطريرك القدس فؤاد الطوال يحاول أن يترجم ذلك على الواقع وأن يدعم ما استطاع صمود المقدسيين والحفاظ على بقاء المسيحيين العرب في القدس بعدما تناقصت أعدادهم في عموم فلسطين وخاصة في غزة التي لم يبق منهم فيها سوى (1300) شخص فقط بعد أن كانت مهد المسيحية-الأرثوذكسية في العالم في بواكير عهدها قبل الاسلام.
في خطابه الذي استمعت اليه وشجعني على استضافته لبرنامجي «حوار مع كبار» كان يقول: «من واجب المسيحيين في الشرق الأوسط المشاركة التامة في حياة الوطن من خلال العمل على بناء أوطانهم، ينبغي أن يتمتعوا بمواطنة كاملة لا أن يعاملوا كمواطنين من الدرجة الثانية وكما كانت الحال في الماضي إذ كانوا من رواد النهضة العربية، وكانوا جزءاً لا يتجزأ من الحياة الثقافية والاقتصادية والعلمية لمختلف حضارات المنطقة، ها هم يرغبون اليوم وعلى الدوام في مقاسمة خبراتهم مع المسلمين مقدمين اسهاماتهم الخاصة»..
لقد كان من توصياتهم «ادخال العربية للفاتيكان واعتمادها ليتاح لذوي الثقافة العربية الحصول على المعلومات بلغتهم الأم»..
الأمة الآن بحاجة إلى كل أبنائها، إلى وحدة صفها وتحديد أهدافها إلى الدفاع عن نفسها والتصدي لكل عوامل الهدم والارهاب والعنف التي شوهت رسالتها ودورها ومسيرتها..
البطريرك شاهد على المرحلة وواقعها يلفت الانتباه إلى أن العرب يهربون من معاركهم الحقيقية إلى أخرى ثانوية وفرعية تزيدهم اختلافاً وهو في حديثه ولقائه يقدم ما يراه من دور لمسيحي الشرق في بعدين «الشراكة والشهادة»..
alhattabsultan@gmail.com