ما قاله رئيس الوزراء الدكتورعبدالله النسور أمس عن تعزيز بيئة الاستثمار في المملكة يستوقف الكثيرين..أردنيين وعرب وأجانب ويطرح السؤال التالي: إلى أي مدى تستطيع دعوة الرئيس أن تسري وأن تثمر وأن يكون لها الصدى والنتائج المأمولة؟ هل يمكن البناء بنفس التشريعات ومن خلال نفس الأدوات والمواقع والمؤسسات وحتى الأفراد وتكون النتائج هي المرجوة التي قصدها رئيس الوزراء؟ أم لا بد من إعادة النظر في جوانب عديدة خاصة لجهة استقرار القوانين الناظمة للاستثمار وتطبيقها وعدم تجاوزها أو اجهاضها بتعليمات ولوائح ارتجالية تضعها دائرة جانبية أو مسؤول أو تقوم كردة فعل غير مدروسة أو بدوافع، وهل أعيد النظر في صلاحية المؤسسات التي تقوم ببناء مناخ الاستثمار وتشجيعه؟ وإلى أي مدى تعزز هذه المؤسسات بالموظفين ذوي الكفاءة أو القادرين على اخصاب بيئة الاستثمار بالعمل والافكار والمتابعة؟..
لا بد من تعزيز بيئة الاستثمار ودوره وحجمه في اقتصادنا واعتباره مدخلاً أساسياً لتطوير الاقتصاد وتمكين المجتمع من قطف ثماره بمزيد من فرص العمل وتحسين مستوى الحياة واطفاء بؤر البطالة وهذا يتطلب رؤية حكومية جديدة قائمة من الحاجة ومستجيبة للتحديات الكثيرة التي تقلل فرص الاستثمار في المنطقة والاقليم وتجعل الطلب عليه كبيراً والحصول على فرصة صعبة. لذا فإنني أدعو الى اعادة انتاج المؤسسات المعنية بالاستثمار ودمجها أو تقوية دورها وأن تصبح مفتوحة بشكل أكثر سلاسة باتجاه المستثمرين من جهة وباتجاه صلاحيات رئيس الوزراء من جهة أخرى ليكون قادراً على الاشارة الفورية والصحيحة لمواقع التعطيل والخلل..
أمام اشتعال الاقليم بساحاته المختلفة وما الحقه الربيع العربي الذي لم يثمر بعد ولم تستوعب دروسه من آثار سلبية على الاقتصاد والاجتماع فإن الأردن الذي يتمتع باستقرار نسبي ملموس يمكنه المبادرة لاهتبال الفرص وهذا يتطلب من الحكومة فوراً تعشيب حقل الاستثمار واصلاح بيئته من كل العوائق وأولها محاولات النيل من المستثمرين أردنيين وعرباً وحتى أجانب بابتزازهم بأخبار مسيئة أو التضييق عليهم أو استعمال القوانين والأنظمة ضدهم بصورة جائرة وحمايتهم من بعض المواقع الالكترونية التي تستهدف سمعتهم واستثماراتهم والاستعداء عليهم..كما لا بد من الحفاظ على علاقات عربية شقيقة صافية ونقية وصادقة وفاعلة وعدم التجني على الاستثمارات العربية كما حدث في محاولات الاساءة للاستثمار الاماراتي في المعبر أو استثمار سرايا في العقبة.
كنت أتابع تصريحات الدكتور النسور وهي تشير إلى ضرورة حصاد الجهد الملكي الذي ظل الملك يزرعه لاستقطاب الاستثمار وذلك بالمتابعة والحماية..
ونستطيع أن نقول ما قاله الرئيس من ضرورة التسهيل على المستثمرين وتبسيط الاجراءات أمامهم بشكل يضمن اقامة استثماراتهم التي تعود بالنفع على المسيرة التنموية وإلى ضرورة الابتعاد عن عدم اتخاذ القرارات في العديد من القطاعات خوفاً من الاتهام بالفساد..
المطلوب الخروج من المناشدة والكلام الوعظي إلى اجراءات عملية على الأرض والواقع ومحاسبة كل من يضع العقبات أمام الاستثمار أو يعطله وهذا لم يحدث حتى الآن وليس له التجليات الكافية التي تجعلنا نعتبر كلام الرئيس في باب «إن الله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن»..
كلام الرئيس فعلاً يتزامن مع بداية اندفاعة جديدة استثمارية انطلقت في البحر الميت في اطار المؤتمر الاقتصادي العالمي في مشاريع جرى الاعلان عنها وتحتاج إلى متابعة وايضاً استمرار مشروع المعبر في العقبة وسط مناخ يحتاج إلى مزيد من الطمأنة للمستثمرين وإلى زيارة رئيس الوزراء للموقع في العقبة والاستماع إلى مراحل المشروع وخلفياته ولعل من حسن الطالع في دعم توجهات الرئيس في كلمته التي أطلقها في دار رئاسة الوزراء أمام رؤساء مجالس الادارة والمدراء والمفوضين في شركة تطوير المناطق التنموية ومؤسسة المناطق الحرة وهيئة المناطق التنموية وشركة المدن الصناعية ومؤسسة تشجيع الاستثمار الأردنية لتطوير المشاريع الاقتصادية، ان انطلاقة جديدة لمشروع سرايا العقبة الذي تعطل لفترة زمنية قد بدأت فقد اعلنت ادارة المشروع أمس وبعد ساعات من حديث الرئيس النسور حيث وقعت سرايا العقبة للتطوير العقاري عقد انهاء المرحلة الأولى من الأعمال المتبقية للمشروع بقيمة (629) مليون دولار مع ائتلاف مقاولين عالمي بقيادة شركة ارابتك القابضة ومكون من ثلاث شركات كبرى ذات خبرة وقد وقع الاتفاقية مدير عام شركة سرايا العقبة المهندس سعود السرور وتأتي هذه الخطوة الاستثمارية الجديدة متزامنة مع عيد الجلوس الملكي لتكون فاتحة خير في تحقيق الرؤية الملكية وهذه الانطلاقة الجديدة كما يقول النسور ستوفر آلاف من فرص العمل وستضع المشروع كله على سكة النجاح..
alhattabsultan@gmail.com