احتفل شعبنا أمس بالعيد الرابع عشر لجلوس الملك عبدالله الثاني على العرش وسط اصرار أردني على مواصلة المسيرة وتنقيتها مما يشوبها بأسلوب الاصلاح وعن طريق التمكين الديموقراطي الذي دعى له الملك في ورقته النقاشية الرابعة..
ما زال الأردنيون يلتفون حول رمزهم مؤكدين أنهم قادرون على الوصول ببلدهم إلى شط الأمان وأنهم حريصون على أن يصححوا المسيرة وأن يعيدوا انتاج ربيعهم بعيداً عن العنف والصخب والتدمير الذي أصاب بلدان وساحات عربية عديدة..
يأتي التاسع من حزيران والدعوة قائمة لتحقيق الأهداف الوطنية والحفاظ على هيبة الدولة بتعزيز سيادة القانون وصون حقوق الانسان وتأكيد العدالة والمساواة في الحقوق والواجبات..
لم يأمر الملك بمواجهة احتجاجات الأردنيين المعبر عنها من خلال ربيعهم وقد أخذت اشكالاً مختلفة في مئات الاعتصامات والمظاهرات والاحتجاجات والاضرابات مثل أن تنقشع عن مكاسب وعن إعادة نظر في كثير من جوانب الحياة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية وانما طالب بالاستماع لشعبه والحوار معه والشراكة في ابداء الرأي ومن هنا جاءت مساهمات الملك بأوراقه النقاشية الأربع وبأحاديثه ولقاءاته وايضاً بدوره في شرح وجهة النظر الأردنية والترويج لها وتقديم الأردن كمساهم أساس في الدفاع عن أمنه واسنادها وفي لعب دوره البارز في الانخراط في عملية الاصلاح وتقديم استحقاقاتها..
لم تطلق السلطة الرصاص على المحتجين ولم تحاصر المدن والقرى والأحياء أو تقصفها ولم تنتهك حقوق الانسان الأردني وانما تعاملت السلطة مع كل الأحداث بوعي ووطنية وفوتت وما زالت تفوت كل أسباب العنف والفتنة واصابة الوحدة الوطنية فالنظام الأردني ليس كالأنظمة التي فتحت النار على شعوبها أو اتهمتها وأدانتها وانما ظل النظام يتطلع إلى مزيد من الانفتاح والحوار ووضع المصالح العليا فوق كل اعتبار..
هناك انجازات كبيرة في المسيرة الصاعدة منذ (14) عاماً ولا يزعم أحد أن هذه المسيرة لم يصبها بعض الخلل في جوانب اقتصادية واجتماعية أو أن بعض الاجتهادات قد اخطأت أهدافها لأن الاعتراف بالخطأ هو وسيلة اصلاحه والخروج منه ولذا جاءت خطوات التغيير الملموسة سواء في اجراء الانتخابات في مظلة الهيئة المستقلة للانتخابات أو في تشكيل المحكمة الدستورية أو حتى في التعديلات الدستورية نفسها مؤشراً صحيحاً على سلامة الاتجاه وما زالت هناك خطوات عديدة وهامة لا بد من قطعها لاستكمال المشوار واستمرار الامساك بطريق الاصلاح وعدم الخروج منه أو التوقف فيه لأن الاستغلاق سوف ينقلنا إلى التغيير المدمر وإلى الانقلاب على الانجازات وإلى استبدال الواقع القابل للتغيير بواقع مجهول لا نعرف مداه ولا مكوناته..
نحن بلد يواجه التحديات المتجددة والمستمرة ويعيش دكتاتورية الجغرافيا بوجود الاحتلال الاسرائيلي إلى جوارنا والأطماع التي تحملها رؤوس تقتات على الأسطورة والتاريخ المغلوط، كما نواجه تحدي حرائق التغيير في الساحات العربية المجاورة التي لم تستطع أن تتكيف أو تقرأ الدروس أو تتمثل العبر..
الأردنيون اليوم وفي هذه المناسبة الجليلة والمبهجة أمامهم فرصة للتأمل والمراجعة واعادة البناء السياسي والاقتصادي والاجتماعي فإن أدركنا ذلك وتعاملنا معه بوعي ووطنية حملنا وطننا إلى بر الأمان وإن لم ندرك فإن المخاطر ما زالت محيطة والاستهداف ما زال قائماً..
نمسك بإنجازاتنا ونطالب بتعظيمها ونعيد التأكيد على التمسك بقيادتنا الهاشمية التي لم تخذلنا ولن تخذلنا في زمن تسوده المتغيرات الشديدة والانقلابات والحرائق والاختلافات والعنف وتدمير الذات وتحطيم المكاسب لنضع عيوننا على الامام ولنصبر من أجل وطننا ومن أجل بقائنا ومن أجل أطفالنا فالنصر على التحدديات يكون بالصبر المنتج أيضاً..
alhattabsultan@gmail.com