“الامن في الواجهة، والاسئلة حائرة عن الهدف من الاصرار على استيراد الازمة من سوريا وتعميم ثقافة الإلغاء والشطب والقتل والاغتيال…”.
احزروا لمن هذه العبارة، ومن يتحدث عن الأمن واستيراد الازمة، وبالاخص من الاغتيال والقتل؟ لا، ليست لقناة “المستقبل”، ولا حتى لقناة “الجديد”. انها لقناة “المنار”! التي استضافت بشار الأسد لتوها، أو بالأحرى هو استضافها، ليقول عبر شاشتها ان “جنيف – 2” مجرد سراب.
ليس معروفا في اي خانة، استيراد ام تصدير، تضع قناة “حزب الله” المشاركة في معركة القصير والمعارك الاخرى وصولا الى حلب. لكن اتهام الغير بـ”استيراد الازمة” ينطوي على تضليل للذات قبل تضليل الآخرين. اما الضيق من “تعميم” ثقافة الإلغاء والشطب والقتل والاغتيال، فلأن “حزب الله” وجمهوره وحلفاءه اعتادوا منذ العام 2005 على ان تلك “الثقافة” يجب ان تقتصر على استهداف طرف واحد في لبنان، اما اذا خرجت من هذا الاطار فهنا، هنا فقط، يصبح الأمن في خطر.
لاقت محاولة اغتيال الشيخ ماهر حمود استنكاراً واسعاً. وهذا طبيعي وبديهي. لكن “حزب الله” نوّه بأن الشيخ استهدف “لأن له رأياً آخر”.
ردود في الاعلام ان إمام مسجد القدس في صيدا “قريب من حزب الله”، ويقصد “الحزب” ان حمود من اهل السنة لكن له رأيا آخر. مع ذلك، لا يعني هذا الرأي المختلف انه بارك الاغتيالات التي يعتقد اللبنانيون ان “حزب الله” متورط فيها، أو أنه يدعم “الحزب” في قتاله في القصير، بل أعلن انه “خطّأه بالاخراج الاعلاني”(!)، ومع انه يصف حسن نصرالله بـ”ناصر أمة محمد” فإنه يعتبر ان خطابه الاخير “لم يكن موفقا”.
من حاول اغتيال الشيخين؟ لا بد ان يكون هناك جواب عند الاجهزة اللبنانية، او اجهزة “حزب الله”. واذا كانت لا تعرف حقا، وهي لم تقل بعد مَن أطلق الصاروخين من عيتات على خط التماس في الضاحية، فهذا يعيدنا الى وقائع سابقة مماثلة حصلت عشية الحرب الأهلية وفي نهاية كل من هدناتها. القتلة هم “الطرف الثالث” الذي تحرك خيوطه الجهة الساعية الى الفتنة، المحتاجة الى الفتنة خدمة لمخططاتها او تغطية للمأزق الذي غرقت فيه.
في ظل التمذهب الحاد الذي يندفع اليه الصراع، خصوصا بعد خطابي حسن نصرالله ويوسف القرضاوي، وبعدما ايقن النظام السوري ان تخريب سوريا لم يضمن له الانتصار الذي يعيده حاكماً ومسيطراً ولاعباً إقليمياً، تزداد الاخطار على لبنان. وعندما يهجس “حزب الله” بالأمن فهذا لا يعني انه مهتم بسلامة اللبنانيين، او بالاستقرار، وانما بلغت الانظار الى حال تستوجب تدخله المباشر، خصوصا ان قادته باتوا حاليا يرددون كلمة “التكفيريين” وكأنهم اكتشفوا اخيرا شماعة يعلقون عليها اخطاءهم وخطاياهم في حق لبنان واللبنانيين.