ليس مهماً ما اذا كانت القصير المحاصرة ستسقط ام ستصمد، ففي النهاية هي مجرد شجرة في غابة مشتعلة على امتداد الاراضي السورية. المهم لا بل المؤذي ان ذهاب “حزب الله” للقتال هناك دعماً للنظام، لن يكون في النهاية حماية لظهر المقاومة كما قال السيد حسن نصرالله بل سيكون كما بدأ يتبين كسراً لظهر لبنان، فاذا انكسر ظهر لبنان ينكسر ظهر الجميع وفي مقدمهم “حزب الله”!
قبل الحديث عن الوقائع الميدانية التي تؤكد ان لبنان آخذ في الانزلاق الى نار الحرب المذهبية البغيضة المتأججة في سوريا والتي تعصف بالمنطقة كلها، من الضروري ان نتذكر ان مساحة سوريا تساوي 18 ضعفا مساحة لبنان وان عدد السوريين يساوي ستة اضعاف عدد اللبنانيين، وانه قياساً بطبيعة المعركة المحتدمة منذ عامين ونصف عام وقد صارت خمسة حروب في حرب واحدة ويبدو انها قد تستمر زمناً طويلاً حتى لو ذهب الوضع الى التقسيم، كان من الضروري السؤال: الى اين نحن ذاهبون وفي اي مغطس نازلون وفي اي منقلب نحن منقلبون؟
لست ادري ما الذي سيحمي ظهر المقاومة في النهاية عندما تنقل سلاحها تدريجاً من الجنوب الى الداخل لتصبح دولة داخل الدولة المستضعفة بحجة مواجهة اسرائيل، ثم تنقله الى الشمال والشرق حيث تطل الآن جبهة بعلبك بعد جبهة عكار في حين يستمر اشتعال جبهة طرابلس، فاذا اضفنا الاحتقان المتصاعد من صيدا الى البقاع الغربي، يصبح في الامكان معاينة نتائج مقامرة الزج بالنفس في النيران ولبنان لا يتحمل اشتعال عود ثقاب في اذياله وحطام اقتصاده!
لماذا ضيّع “حزب الله” في القصير واخواتها ما بناه عربياً خلال ربع قرن، وهل يقرأ قادته ما يقال عنه الآن من المحيط الى الخليج وكذلك في العالم الذي يتسابق لإدراجه على لوائح الارهاب، وهل يقنع المنطق البسيط للاشياء احداً بأن حماية ظهر المقاومة تكون بخسارة العالم العربي في مقابل الاحتفاظ بالبيئة الايرانية الحاضنة، وماذا يمكن ايران ان تفعل عندما يسقط النظام السوري ويترنح نفوذها في العراق؟
لتذهب الدولة اللبنانية الى الجحيم، كنا بحماية ظهر المقاومة في القصير فصرنا سريعاً بحماية ظهرها في الضاحية وعلى امتداد الجبهات، فها هو “حزب الله” يتخذ تدابيره الاحترازية واجراءاته الامنية في الضاحية والبقاع والجنوب، في حين تجمع دول مجلس التعاون الخليجي على اعتباره منظمة ارهابية وتقرر اتخاذ اجراءات ضد مصالحه في اراضيها، وهذه المصالح هي مصالح لبنانيين لم يحسب الحزب حسابهم ستنكسر ظهورهم ايضاً إلا اذا كانوا سيجدون مصالح بديلة لهم في ايران ولا اظن … في القصير واخواتها لم نضيّع تاريخاً فحسب بل كسرنا ظهرنا وظهر لبنان!