د.خليل العناني/مأزق المعارضة المصرية

لا يبدو أن المعارضة المصرية قد تعلمت أي دروس من تجربة ما قبل الثورة المصرية. فكما كانت هي الحال، تعاني قوى المعارضة من تشتت وانقسام واضح حول كيفية مواجهة النظام الحالي في مصر. فلم يعد مقبولا أن تكتفي المعارضة بانتقاد وتوبيخ جماعة “الإخوان المسلمين” دون أن تطرح بدائل واقعية وحلولا للمشكلات التي تواجه مصر في مرحلة ما بعد الثورة.
وللحق، فأحيانا ما تتبناه قيادات المعارضة نفس المواقف الجامدة التي كانت تتبناها تجاه نظام مبارك إن لم تكن أكثر صلابة وتشددا. فعلى سبيل المثال ترفض قوى المعارضة الدخول في حوار مع نظام الرئيس مرسي. وتبدي رموزها شكوكًا عميقة في نوايا جماعة الإخوان المسلمين، وهو أمر قد يكون له ما يبرره خاصة في ظل التخبط الذي تشهده جماعة الإخوان. بيد أنه من غير المعقول أن تظل المعارضة على موقفها الثابت منذ فبراير الماضي والذي يقوم على معارضة كل ما يصدر عن الرئيس مرسي دون تطوير استراتيجيتها. فعلى سبيل المثال لم تبلور “جبهة الإنقاذ الوطني” التي تعد قوة المعارضة الرئيسية في البلاد أي رؤية بديلة لما يطرحه الإخوان. وتصر الجبهة على عدد من المطالب التي يجب على الرئيس مرسي وجماعته الالتزام بها قبل الدخول في أي حوار حول كيفية الخروج من الأزمة الراهنة. الأكثر من ذلك ترفض الجبهة المشاركة في الانتخابات البرلمانية المقبلة والمتوقع إجراؤها قبل نهاية العام قبل تشكيل حكومة محايدة وتغيير النائب العام وتعديل قانون الانتخابات. وقد كان لافتًا أن تطالب بعض قيادات الجبهة بتغيير وزير التموين الإخواني الدكتور “باسم عودة” بالرغم من الأداء الجيد الذي أظهره الرجل طيلة الشهور القليلة الماضية وتمكن خلاله من حل أكثر الأزمات المعيشية تعقيدا وهي أزمة “رغيف الخبز”. وقد فسر البعض ذلك بمخاوف من أن يتم توظيف هذه الوزارة من أجل تحقيق مكاسب انتخابية وهو أمر يبدو سخيفًا وهزليًّا. فبدلا من أن يتم الثناء على نجاح الرجل وقدرته على حل هذه الأزمة المزمنة، يجرى انتقاده والمطالبة بتغييره لمجرد انتماء لجماعة الإخوان. وهو ما يعكس مراهقة سياسية من المعارضة. من جهة أخرى يطالب المعارض الناصري حمدين صباحي برفض قرض “صندوق النقد الدولي” بحجة أنه سوف يفرض أعباء متزايدة على فقراء المصريين وهو أمر صحيح، ولكن صباحي لم يطرح بديلًا واقعيًّا لكيفية حل الأزمة المالية التي تمر بها مصر حاليًّا.
بكلمات أخرى، بقدر ما تبدو جماعة الإخوان جامدة ومتصلبة في سياساتها، بقدر ما تبدو المعارضة المصرية مراهقة وغير قادرة على مجابهة الإخوان انتخابيًّا أو تنظيميًّا أو شعبيًّا، وهو ما يمثل مأزقًا كبيرًا يجب عليها تجاوزه إن أرادت الوصول للسلطة وإنهاء حكم الإخوان.

د. خليل العناني كاتب وأكاديمي مصري، جامعة دورهام ـ بريطانيا
kalanani@gmail.com

شاهد أيضاً

أحلام طهران ودماء الفلسطينيين* د. سالم الكتبي

عروبة الإخباري – بعد نحو ستة أشهر من الحرب التي أشعلتها حركة حماس الإرهابية بعد …

اترك تعليقاً