هل ستبرّد قمة الدوحة ارتفاع حرارة الوضع العربي الذي لم يعد يطاق؟ وهل سيشكل انعقادها بارقة أمل للإجابة على أسئلة عديدة معلقة؟ وهل ستقرأ الدول المتنفذة التي تدير الظهر للحقوق العربية وخاصة في فلسطين؟ وهل يضع العرب تصوراتهم المستخلصة من القمة أمام الرئيس الأميركي أوباما الذي يزور جزءاً من المنطقة ليقترب من ما يدور فيها لاسيما وأنه يخص بالزيارة الأردن وفلسطين واسرائيل.
قمة الدوحة تأخذ أهميتها من المكان أيضاً باعتباره فاعلاً فالدوحة لها مبادرات عديدة وعملية وهي لا تعيش ارتهان حالة الربيع العربي التي عصفت وما زالت تعصف بكثير من العواصم العربية ولها رؤية محددة في كثير من المسائل المثارة وغير المثارة في الوضع العربي خاصة وأن للدوحة يد مباشرة كما يحدث في سوريا ومن قبل في ليبيا.
على قمة الدوحة أن تجسر ما بين الأنظمة التي ما زالت قائمة وما بين الأنظمة الجديدة التي حملها الاسلام السياسي من خلال الربيع العربي وتجيير اتجاهاته إلى السلطة وأن تتفهم الأنظمة الجديدة أن التفويض الذي أعطاه لها الشارع ليس مطلقاً وانما يتعلق بالخبز والحرية والإجابة على أسئلة تتعلق بحقوق الانسان وليس من أجل أسلمة المجتمع والناس والذين هم في الأصل مسلمون وليسوا بحاجة إلى ثورات أو انقلابات لإعادة صناعة اسلامهم وهذه الخطوة الأخيرة هي التي جعلت الشوارع العربية تتحفظ على نتائج ثورات الربيع العربي بل وتتصدى للكثير من مخرجاتها ليس لأنها ضد تطوير أوضاع المجتمعات اقتصادياً واجتماعياً وفي مجال حرية الانسان ولكنها ضد فرض اللون الواحد أو احتكار السلطة والحقيقة وإعادة بيع أنظمة شمولية لا تسمح بالاجتهاد أو تداول السلطة ويصبح الحال معها كحال الذي يهرب من الدلف إلى المزراب.
أمام قمة الدوحة تحديات كبيرة وقد يكون «القطران» الذي يمكن أن توفره قمة الدوحة وشقيقاتها النفطيات أو الغنيات ما يجعل الدعاء بالتوفيق أكثر استجابة حين يعاد ضخ أموال في صناديق أو تبرعات لدعم عربي تقرره القمة للاجئين السوريين الذين عصفت بهم الأحداث الدموية في بلدهم وتشتتوا «أيدي سبأ» في اتجاهات مختلفة وما زالت أعدادهم مرشحة للمزيد بحيث تحتاج الدول التي تستضيفهم إلى دعم مالي أكثر وكذلك الوضع الفلسطيني الاقتصادي والاجتماعي المتردي تحت الاحتلال بسبب سياسات الاحتلال في رهن اموال الفلسطينيين وفرض الحصار المستمر عليهم ورفض تحريك عملية السلام التي يجري قتلها بالاستيطان..
ثمة أطراف عربية عديدة تريد الامساك بقشة القمة وهي تبحث عن النجاة فالوضع المصري صعب جداً وتراهن مصر على دور متجدد من الدعم القطري وغير القطري كما تتطلع اليمن والسودان لأدوار عربية مساعدة وحتى دول الخليج نفسها تريد من خلال قمة قطر أن تدخل مع قطر في قاسم مشترك بعيد عن الخلافات البينية في العلاقات الثنائية أو داخل مجلس التعاون إلى موقف عربي أفضل من التحديات التي تواجه الخليج سواء تحدي النفوذ الايراني المتزايد أو عبث الاسلام السياسي بالأمن الخليجي في اطار ما زال الكثير منه غير واضح.
والسؤال هل سترسل قمة الدوحة رسالة واضحة ومفيدة إلى الإدارة الاميركية لتحثها على دور أكثر وضوحاً واستقلالاً عن الموقف الاسرائيلي وإلى سعي جاد من أجل السلام في المنطقة؟ وهل ستجد اسرائيل أن لدى عرب قمة الدوحة لغة جديدة يلزمها أن تتوقف عندها لأن كيل الشارع العربي من انقسامه قد فاض ولأن استمرار العربدة الاسرائيلية أمام العجز الرسمي العربي يعني بروز المزيد من التيارات السياسية والاجتماعية المتطرفة سواء تلك التي تحمل شعارات الاسلام السياسي أو غيرها.
إن لم يعالج العرب مسألة أمنهم القومي بعد أن ظل كل نظام يحاول اقتلاع أشواكه بيده ولجأ إلى دفن الرأس في الرمل أمام استحقاق الأمن القومي الجماعي على اعتقاد أن الثور الأبيض غير الأسود أمام الأسد، ولذا فإن عاصفة التغيير والتي رحب بها البعض وتحفظ عليها البعض الآخر وواجهها طرف ثالث كما في سوريا وليبيا..لن تستثني أحداً والفرق هو بين من يتفهم التغيير ويعالجه بالاصلاح ومن يقاومه وينتظر الثورة التي تعصف باستقراره.
قمة الدوحة هامة تأتي في وقتها وعلى «عطش» كما يقولون بعد أن استجدت أسئلة طارئة لم تكن لها اجابات في الوضع التقليدي العربي وبعد أن اندحر إلى حد كبير الخوف الاسرائيلي من تطورات الشارع العربي حين جرى ركب موجة التغيير وانحرافها وتحويلها إلى فوضى عصفت بالاستقرار وقوضت البنى الاقتصادية الاجتماعية ووضعت النظام العربي برمته وعلى مختلف مستوياته في مهب الريح، ننظر إلى قمة الدوحة بأمل ونعتقد أنها الفرصة الأخيرة قبل الانفجار الأكبر..
alhattabsultan@gmail.com