بعد أن كلف الدكتور عبدالله النسور رئيساً للوزراء، ودخلنا مرحلة البحث عن الطاقم الوزاري، فإن القضية التي ستكون محلاً للنقاش هي اشتراك النواب في الحكومة او ابتعادهم عن ذلك ، مما لا شك فيه أن الكثير من النواب المئة والخمسين يرغبون في الجمع بين المنصبين النيابة والوزارة ، وهو أمر لا يمنعه الدستور، لكن النقاش يجري باتجاه إنجاح المرحلة الجديدة التي دخلها الوطن في الجانب السياسي . هناك رأي لا يؤيد اشتراك النواب في الوزارة لأن الفصل بين السلطات يقتضي ذلك ، كما أن الدول التي يتحول فيها النواب إلى وزراء هي دول تتمتلئ مقاعد برلماناتها بالحزبيين، وبالتالي فإن الحزب الذي يحمل برنامجاً للتنفيذ يسعى للمشاركة في الحكومة عبر نوابه باعتبارها حكومات برلمانية ، مع أن مفهوم الحكومة البرلمانية يحتمل صورة أخرى هي ترشيح الحزب لأناس من حزبه من خارج النواب . لقد جربنا في التسعينات دخول بضعة وعشرين نائباً للحكومة، وكان عدد النواب يومها ثمانين نائباً، مما يعني تحول ربع البرلمان واكثر إلى الطرف الحكومي يصوتون كما يريد رئيس الوزراء، يحضرون إذا أراد، ويغيبون إذا أمر، وصارت الصورة واضحة في ابتلاع الحكومة للنواب، وبهذا وجهت ضربة قاضية للمجلس الذي هو في الحقيقة فوق الحكومة، لأنه هو المسؤول عنها، يحاسبها لا تحاسبه، يراقبها ولا تراقبه، يسألها ولا تسأله، يقر لها سياسة الإنفاق ولا تفعل هي ذلك له .
من هنا فإن الخطورة قائمة من اشتراك النواب في الحكومة، وبخاصة ان الطموح في المقعد الحكومي أمر مشروع للمئة وخمسين، وبهذا سندخل في مرحلة السباق المحموم او الصراع المكشوف والحامي، مما يعني تعريض المجلس برمته لخطر الحل .
الصورة الأنصع هي الفصل بين السلطتين، ويكفينا في المرحلة الحالية أن أدلى النواب برأيهم في الشخصية الأولى في الحكومة .
هذا الذي نقوله إنما هدفه المصلحة العامة وليس من باب الرغبة في منافسة النواب بحال من الاحوال.